للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٣١ - «والأَمَةُ الغَارَّةُ تتزوج على أنها حرة فلسيدها أخذها وأخذ قيمة الولد يوم الحكم له».

مرد هذا إلى قول رسول الله : «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البَيِّعُ من باعه»، رواه أبو داود (٣٥٣١) من طريق قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب، لكن له شواهد صحيحة، والمراد بالبيع بفتح الباء والياء المكسورة المشددة المشتري، أي من اشترى شيئا بشبهة فوجده مالكه عنده فهو أحق به ويرجع مشتريه على من باعه بثمنه، قال الخطابي في معالم السنن (٣/ ١٦٦): «هذا في الغصوب ونحوها إذا وجد ماله المغصوب والمسروق عند رجل كان له أن يخاصمه فيه، ويأخذ عين ماله منه، ويرجع المأخوذ منه على من باعه إياه»، انتهى.

والأَمَة إذا تزوجت من غير إذن سيدها فقد علمت أن نكاحها باطل، لقول النبي : «أيما عبد نزوج بغير إذن أهله فهو عاهر»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جابر، وتزوج الأَمَة من غير إذن مالكها أشد مخالفة من تزوج العبد لكونه قد يكون ولي نفسه بخلافها، وقد تقدم هذا في النكاح، وذكر هنا أن الأمة إذا تزوجت حرا وغرته بأن أوهمته أنها حرة، فلسيدها أخذها أي استرجاعها ممن تزوجت منه، يعني فيفسخ نكاحها لوقوعه على الوجه غير المشروع، ولأنها لا تخرج عن ملك سيدها بذلك، والمرء إذا وجد ما يملك فهو أحق به، أما أخذ مالكها قيمة الولد فلأنه من أمته فهو ملك له أيضا، لكن لما دخل أبوه على أنها حرة فكان ولدا له، وكان يعتق عليه جبرا، جمع بين الحقين بذلك، وأما أن قيمته تكون يوم الحكم فلأنه اليوم الذي ثبت له الحق فيه ظاهرا، وقول المؤلف فله أخذها يدل على أنه يجوز له إبقاؤها زوجة، وفيه تفصيل، وقيل لا يأخذها وإنما يأخذ قيمتها، وعُلِمَ من هذا أن مالكها إذا أذن لها في الزواج والاستخلاف في الولاية، وإنما غرت بدعواها أنها حرة بالمقال أو بشاهد الحال، فهذه يقام على نكاحها، وإن اختلف في مقدار صداقها الذي يستمر عليه النكاح، أما إن أذن لها في النكاح لا في الاستخلاف فنكاحها يفسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>