٥٧ - «ولا يؤدي أحد الشركاء ثمنا، وإن كان في ذلك تراجع لم يجز القسم إلا بتراض».
هذا في القسمة بالقرعة، يعني أنه لا يصح فيها أن يرد أحد الشريكين للآخر شيئا، ومثاله: أن يتفقا على الاقتراع على سيارتين، فيقال: من أخذ السيارة كذا يعطى عشرين ألف دينار لمن أخذ الأخرى، فهذا لا يصح، لأن ذلك يخرج القسمة أن تكون بالقرعة إلى أن تكون بيعا، والبيع لا يكون إلا عن تراض كما جاء في الحديث، والقرعة مبنية على الإجبار فتنافيا.
ويذكر أن مالكا روى في موطئه (١٤٣٠) بلاغا عن ثور بن يزيد الديلي أنه قال بلغني أن رسول الله ﷺ قال: «أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام»، وهو عند أبي داود وابن ماجة من حديث ابن عباس نحوه وصححه الألباني في الإرواء (ح/ ١٧١٧)، وفيه أصل عظيم من أصول القسمة، فقد يكون فيه دليل على أنه لا ينبغي مراجعتها بعد طول العهد وتملك الناس أموالهم والتصرف فيها لما ينشأ عن ذلك من المفاسد، ومن هذا الباب تقرير الإسلام الكفار على أنكحتهم إذا أسلموا وعلى أملاكهم ومواريثهم، ولهذه المسألة علاقة بالمبدأ المعمول به في عرف الدول اليوم، ويعبرون عنه بقولهم احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، ويظنون أنه من مخترعات القوانين الدولية المعاصرة، لكنهم لا يعملون به إلا إذا خدم مصالحهم.