١٠٦ - «ومن ابتاع ثمرة في رؤوس الشجر فأجيح ببرد أو جراد أو جليد أو غيره، فإن أجيح قدر الثلث فأكثر وضع عن المشتري قدر ذلك من الثمن وما نقص عن الثلث فمن المبتاع».
الجوائح جمع جائحة، وهي ما يصيب الثمر والزرع مما لا يستطاع دفعه كالبرد والحر الشديد والريح العاصف والجراد والجيش ونحو ذلك، واختلف في السارق هل يدخل في الجائحة؟، واعتمد من لم يدخله على أنه يمكن الاحتراز منه ولقول النبي ﷺ:«إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك»، رواه الشيخان (م/ ١٥٥٥) عن أنس، ووجه الدلالة أن منع الثمرة يشبه اجتياحها بعد وجودها بنازل سماوي، والسرقة ليست كذلك، وروى أبو داود عن عطاء قال:«الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو جراد أو ريح أو حريق»، وقد روى أحمد وأبو داود والنسائي عن جابر «أن النبي وضع الجوائح»، وأقوى منه في الدلالة ما جاء عند مسلم وهو أن النبي ﷺ أمر بوضع الجوائح»، وأقوى مما تقدم أن رسول الله ﷺ قال:«لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق»؟، رواه مسلم وأبو داود (٣٤٧٦) وابن ماجة
وقد حد ابن عرفة الجوائح بقوله:«ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة قدرا من ثمر أو نبات بعد بيعه»، انتهى، وقيد «بعد بيعه» لأنه هو الذي يبحث في الفقه باعتبار أنه سبب في الوضع عن المشتري، فما أصاب الثمرة من الجوائح بعد بيعها والحال أن صلاحها قد بدا، ولم يحن وقت جذاذها، أو بيعت قبل ذلك بشرط الجذاذ، فإما أن يكون ما ضاع دون الثلث أو الثلث فما فوقه، فإن كان دون الثلث فلا يوضع شيء عن المبتاع، لأنه قد دخل على ضياع شيء منها بتلفه بريح أو سقوطه أو أكل الطير أو غيره، وإن كان الضائع الثلث فما زاد وضع عنه بمقدار المكيلة لا القيمة، ولم يرد في الحد بالثلث شيء من المرفوع يعتد