إنما نص المؤلف على استحبابها لعدم الاختلاف فيها، وقال عن الاسترقاء لا بأس به للخلاف الذي فيه كما تقدم، قال ابن القيم في زاد المعاد:«والتحقيق في أمر الفصد والحجامة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والمزاج، فالحجامة في الأزمان والأمكنة والبلدان والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع، والفصد بالعكس، ولهذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لا يقوى على الفصد»، انتهى ببعض حذف.
وجاء في الحجامة ما رواه أحمد والشيخان والنسائي عن جابر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن كان في شيء من أدويتكم خير؛ ففي شَرْطَةِ محجم، أو شربة من عسل، أو لذعة بنار توافق داء، وما أُحِبُّ أن أكتوي»، المحجم وزن منبر الآلة التي يحتجم بها، واللذعة المرة من اللذع، وهو الخفيف من إحراق النار، أما اللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة فعض ذوات السموم، واللسع للعقرب لأنها تضرب بمؤخرها.
وروى أبو داود وابن ماجة عن أبي كبشة الأنماري أن النبي ﷺ كان يحتجم على هامته وبين كتفيه، وهو يقول:«من أهراق من هذه الدماء فلا يضره أن لا يتداوى بشيء لشيء»، وروى أحمد والطبراني والحاكم عن سلمى امرأة أبي رافع أن النبي ﷺ كان إذا اشتكى أحد رأسه قال:«اذهب فاحتجم،»، وإذا اشتكى أحد رجله قال:«اذهب فاخضبها بالحناء»، والاختضاب بالحناء من زينة النساء، لكن هذا تداو فلا ينبغي أن يكون على شكل الزينة يشمل أسفل الرجل وأطرافها من الظاهر كما تفعل النساء، ولا يجوز أن تزين بها كف العروس أعني الزوج كما يفعل بعضهم، والحجامة على الريق أمثل كما في حديث ابن عمر عند ابن ماجة، وقد حسنه الألباني.
وجاء في الأيام التي يحتجم فيها أنها الإثنين والثلاثاء والخميس، وهو ما رواه ابن