• قوله: ٩ - «ومن تمادى بها الدم بلغت خمسة عشر يوما، ثم هي مستحاضة: تتطهر، وتصوم، وتصلي، ويأتيها زوجها».
أقصى مدة الحيض في مشهور المذهب خمسة عشر يوما، وهو أمر مرده إلى التتبع والاستقراء، ولم يصح فيه نص مرفوع، فلما كان أكثر الحيض عندهم كذلك؛ فإن من تمادى بها الدم لا تزيد على تلك المدة، بل يحكم لها بحكم المستحاضة، تغتسل وتصلي وتصوم وتوطأ، لكن في المسألة تفصيلا، فإن الحائض في المذهب إما مبتدأة، وهي التي لم يسبق لها الحيض، وإما معتادة، وهي التي تعرف أيام حيضها، فأقصى أمد حيض المبتدأة في المشهور خمسة عشر يوما، ثم هي طاهر، وهو في المدونة، والقول الآخر ما رواه علي بن زياد عن مالك أن حيضها لا يتجاوز أيام لداتها، أي قريناتها في السن، إلا أن ترى دما تستكثره لا تشك فيه، وهذا منه تغليب للتمييز على عادة النساء الغالبة في مدة الحيض، وهذه الرواية متمسكها قول النبي ﷺ لحمنة بنت جحش كما في الحديث المتقدم:«تحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله»، والفرق بين هذه وبين المبتدأة أن هذه نسيت عادتها، والمبتدأة لم تتقرر لها عادة بعد، فهما مستويتان من هذه الناحية، فترد كل منهما إلى ما تحيضه النساء، لأن الأصل عدم تمادي الدم أكثر من تلك المدة، والاحتياط يكون لعمل الصلاة لا في تركها، وقد ذهب أحمد إلى ما ذهب إليه مالك في رواية علي بن زياد كما في (المغني: ١/ ٣٧٧)، وعنه رواية أخرى كالمشهور في المذهب.
وباب أحكام الحيض من أكثر أبواب الفقه صعوبة، لما فيه من اختلاف الآراء واضطرابها وتشعبها، وإن كان مدعو الكياسة والظرف والبصر بالواقع إذا راموا الغمز من أهل العلم الموثوقين نبزوهم بأنهم علماء الحيض والنفاس، والناظر في اختلاف العلماء يعسر عليه أن يخرج بما ترتاح إليه نفسه، فالواجب النظر الملي في النصوص، والتفقه فيها،