١٢٤ - «ومن الفرائض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من بسطت يده في الأرض وعلى كل من تصل يده إلى ذلك فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه».
هذا من أفرض الفرائض في هذا الدين، ومن خصائص هذه الأمة المرحومة، وبدونه لا يستقيم لها حال، وهو يعم كل أفراد الأمة على الصحيح، كل بحسبه، وهو غير تغيير المنكر الذي سيأتي الكلام عليه، فإن هذا لم تشترط فيه الاستطاعة، لأن جميع المسلمين يستطيعونه كل بحسب ما يعلم من الدين، وجهل المعلوم من الدين بالضرورة ليس عذرا، فما علمه المسلم من دينه وجب أن يدعو إليه غيره، إن كان فعلا أمره به، وإن كان تركا نهاه عنه، ولم يستثن الله تعالى من جنس الإنسان الذي هو في خسر إلا المؤمنين العاملين للصالحات المتواصين بالحق المتواصين بالصبر، وقال الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)﴾ [آل عمران: ١٠٤]، ومن فيه لبيان الجنس كقول الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾ [الفتح: ٢٩]، وقوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ (٣٠)﴾، وتأمل كيف ابتدأ بالدعوة إلى الخير وهو أعم مما بعده، أما التفرغ للدعوة بما هو أوسع من هذا فهو فرض كفاية يقوم به المؤهلون، وعلى غيرهم إعانتهم
وقد ذكر المؤلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خصوص من بسطت يده، وهو الحاكم ومن دونه من ولاته ونوابه، فهؤلاء يأمرون بالقول ويهددون، وإلا ألزموا المخالف وعاقبوه العقاب المشروع، ولا ينتقل من منزلة إلى التي تليها إلا بعد عدم جدواها، وقوله:«وعلى كل من تصل يده إلى ذلك»، يريد كالأب مع أولاده، والزوج مع زوجته، والسيد مع مملوكه، وقوله:«فإن لم يقدر فبلسانه فإن لم يقدر فبقلبه»، هذا يشمل