القتال لأجل ضمان حرية الدين، وهو أول قتال بين المسلمين والنصارى، وقد مات فيه الأمراء الثلاثة ﵃، وهم زيد ابن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة.
والخلاصة أن الجهاد فرض لتحقيق أغراض ثلاثة هي: الدفاع عن المسلمين وأوطانهم، دل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠)﴾ [البقرة: ١٩٠]، والثانية تأمين حرية الدين ومنع الاضطهاد فيه، ونصرة المستضعفين، دل على ذلك قول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]، والثالثة تأمين سلطان الإسلام وسيادته بدفع المخالفين له للجزية، دلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)﴾ [التوبة: ٢٩]، ويمكن في حال الضعف الاكتفاء بالمعاهدة من غير دفع جزية كما كان النبي ﷺ يفعل قبل نزول آية الجزية، والكفار في نظر المسلمين لا يخرجون عن حالات ثلاث أهل الذمة، وهم الذين يدفعون الجزية، وسموا كذلك لأنهم يُعطون ذمة المسلمين بمقتضى ما شرع الله ورسوله لهم من الحقوق، فتحفظ أنفسهم وأموالهم، وتضمن لهم حريتهم في دينهم، والمعاهدون، وهم الذين بيننا وبينهم عهد مؤقت أو مطلق، مع استقلال كل من الفريقين ببلده، والمحاربون وهم الذين لا يربطنا بهم رابطة من ذمة أو معاهدة أو هدنة.