أي يحرم على العبد والأمة النكاح من غير إذن سيدهما، لقول النبي ﷺ:«أيما عبد؛ تزوج بغير إذن مواليه، أو أهله؛ فهو عاهر»، رواه أحمد وأبو داود (٢٠٧٨) والترمذي (١١١١) وصححه عن جابر، وقوله «فهو عاهر»، العاهر الزاني، وقد يكون من قبيل التشبيه البليغ، وفيه دليل على عدم صحة النكاح، وقد نقل الاتفاق عليه ما لم يجزه السيد، غير أنه لا يحد للشبهة، ونظيره قوله ﷺ:«أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها؛ فهي زانية، وكل عين زانية»، رواه أحمد وأبو داود (٤١٧٣) والترمذي وغيرهم عن أبي موسى.
ويدل حديث جابر من باب أولى على عدم صحة نكاح الأمة من غير إذن السيد، إذا تولى تزويجها رجل، فإن زوجت نفسها فقد هتكت أكثر من نهي، وارتكبت أكثر من محظور، ومن جهة المعنى؛ فإن تزوج المملوك بغير إذن مالكه؛ فيه إدخال نقص عليه في ملكه، لما يترتب في ذمة المملوك من المطالب تجاه زوجه، فإن حصل ذلك؛ فلهم فيه تفصيل، أما العبد؛ فنكاحه باطل، ويفسخ بطلاق بائن، إلا إذا أجازه السيد فإنه يصح، وقد فرق مالك بينه وبين نكاح التحليل في الموطإ (١١٤٢)، فإن لم يجزه السيد وفسخ قبل البناء؛ فلا شيء على العبد، وإن كان بعده؛ استرد السيد ما أخذته المرأة عدا أقل الصداق الذي هو حق الله.
قلت: وفي هذا القول نظر، إذ ما ذنب المرأة إن لم تكن عالمة أن لا تأخذ نصف صداقها وقد تم الدخول؟، فإن كانت عالمة بأن صحة زواجه موقوفة على إذن سيده فعلى نفسها جنت براقش، أما الأمة؛ فإن وكلت رجلا يزوجها، فحكمها حكم العبد على المشهور، إن شاء السيد أمضاه، وإن شاء فسخه، وإن زوجت نفسها؛ كان النكاح باطلا، ولا يصح إجازة السيد له بحال، والفرق بينهما واضح، فإنه إذا بطل نكاح الحرة التي تزوج نفسها فأحرى أن يبطل نكاح المملوكة.