وقوله «تجافي ضبعيك» أي تباعدهما عن جنبيك، والضبعان تثنية ضبع بفتح العين وسكون الباء، وسط العضد من الداخل، وجمعه أضباع، وقد تقدم في حديث عقبة بن عمرو الأنصاري أبي مسعود في وصف صلاة النبي ﷺ قال: «فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بين مرفقيه، حتى استقر كل شيء منه، رواه أبو داود (٨٦٣) والنسائي، وفي حديث أبي حميد في وصف الصلاة:«فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه فنحاهما عن جنبيه»، رواه أبو داود (٧٣٤)، والترمذي (٢٦٠) وقال حسن صحيح، وقوله «وتر»؛ يعني جعل جنبه كالقوس، ويده كالوتر.
والمذهب عدم الدعاء في الركوع؛ لقول النبي ﷺ في مرضه الذي مات فيه حين خرج على الصحابة وهم في الصلاة:«يا أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وإني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم»، رواه مسلم، وأبو داود (٨٧٦) عن ابن عباس، قمن بكسر الميم وفتحها؛ حقيق، وفي قوله:«لم يبق من مبشرات النبوة،،»؛ إلماح إلى قرب وفاته، وفي خطابه لهم وهم في الصلاة جواز إصغاء المصلي وقتا يسيرا للمتكلم ممن هو خارج الصلاة، فأحرى إذا تعلق الأمر بإصلاحها، قال في المدونة:«كان مالك يكره الدعاء في الركوع، ولا يرى به بأسا في السجود»، وواضح من تفريقه ﵁ بينهما أن معتمده الحديث المتقدم، لكنه لا يدل على امتناع الدعاء في الركوع لأن تلك الدلالة دلالة مفهوم، ولأنه لو أخذ بها دون نظر في غير هذا الحديث لاقتضى ذلك ترك التسبيح في السجود، كما يترك الدعاء في الركوع، ولأن الحديث فيه النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، فلو كان الدعاء مثلها لنهي عنه، فكيف إذا جاء في الدعاء ما هو نص كحديث عائشة في الصحيحين (مسلم/ ٤٨٤)، و (سنن أبي داود ٨٧٧): «كان رسول الله ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي»، يتأول القرآن، والظاهر أن الإمام يرى الدعاء في الصلاة حيث ورد به دليل، لعموم قوله المتقدم الذي رواه أبو داود، وقد ذكرته في الحديث على دعاء الاستفتاح، وقال في الموطإ في باب (العمل في الدعاء).