إن لم يتثبت أن يسقط على قفاه، وقد أشار إلى هذا المعنى مالك ﵀ في قوله:«كذلك صلاة الناس في الاعتماد على اليدين، فأما الوثوب فهذا يريد أن يصارع»!! (النوادر باب جامع العمل في الصلاة)، فعضد ﵀ النقل بما يتفق مع الطبيعة، فإنه قال أيضا:«ما رأيت من أقتدي به يرجع على صدور قدميه».
وقد ورد ما يدل على تقديم الركبتين في النزول وتأخيرهما في النهوض من فعل النبي ﷺ كما في حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال:«رأيت النبي ﷺ إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه»، رواه أبو داود (٨٣٨)، والترمذي (٢٦٨)، وحسنه، لكن فيه شريك بن عبد الله القاضي الكوفي، وهو صدوق يخطئ كثيرا، وفيه عبد الجبار بن وائل، وهو لم يسمع من أبيه، وروى نحوه أبو داود (٨٣٩) عن عاصم بن كليب عن أبيه مرفوعا، ووالد عاصم هو كليب بن شهاب لم يدرك النبي ﷺ، فحديثه مرسل، قال ابن العربي في (العارضة ٢/ ٦٩): «والترجيح بين الحديثين من طريق الأصول لو صحا وجهل تاريخهما، ولم يقم دليل من السنة بقوة أحدهما؛ أن المكلف مخير بينهما، وإذا كانا ضعيفين؛ فالهيئة التي رأى مالك منقولة في صلاة أهل المدينة فترجحت بذلك على غيره» انتهى، وهو الذي ذهب إليه صاحب التلقين.
والسجود يكون على سبعة أعضاء، قال رسول الله ﷺ:«أمرت أن أسجد على سبعة آراب»، رواه الشيخان وأبو داود (٨٩٠)، عن ابن عباس، والآراب هي الأعضاء، جمع إرب بكسر الهمزة، وسكون الراء، وقد بُينت في رواية مسلم وأبي داود وهي الوجه، والكفان، والركبتان، والقدمان».
والمذهب سنيّة السجود على هذه الأعضاء غير الجبهة؛ فإن السجود عليها واجب، أما الأنف فقيل إن السجود عليه مندوب، وهو قول ابن القاسم كما في المدونة، فمن سجد على الجبهة دونه أعاد في الوقت، ومن سجد على الأنف وحده أعاد أبدا، قال خليل:«وسجود على جبهته، وأعاد لترك أنفه بوقت»، وقد ذهب ابن حبيب إلى وجوب السجود عليهما معا، قال:«ولا يجزئه عندي في الوجهين»، يعني السجود على واحد منهما، والظاهر وجوب السجود عليهما لما ورد في بعض روايات مسلم لحديث ابن عباس: «أمرت أن أسجد على سبع، ولا أكفت الشعر ولا الثياب: الجبهة والأنف واليدين،،، الحديث، بل جاء عند الدار قطني نفي صلاة من لم يُصب أنفه من الأرض ما يُصيب جبينه،