للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٥ - «والفرار من العدو من الكبائر، إذا كانوا مثلي عدد المسلمين، فأقل، فإن كانوا أكثر من ذلك؛ فلا بأس بذلك».

هذا حكم منصوص في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٦)[الأنفال: ١٥ - ١٦]، فهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بالنار وبغضب الله، وقد ذكر في الموبقات السبع كما في قول النبي : «اجتنبوا السبع الموبقات، قيل يا رسول الله وما هن؟، قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»، رواه الشيخان عن أبي هريرة، لكنهم ذكروا لحرمته شروطا خمسة: أن لا يكون خدعة من الفار وحيلة ليكر على العدو، وهذا هو معنى المتحرف للقتال، وأن لا يكون بغية الالتجاء إلى فئة من المسلمين يستنصر بهم، وأن لا تختلف كلمة المقاتلين بحيث يترك بعضهم القتال، ولا يظهر أن هذا على إطلاقه، وأن يكون معهم سلاح، وأن لا يقل المسلمون في العدد عن نصف عدد الكفار، كما قال تعالى: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [الأنفال: ٦٦]، وفقد السلاح لا يمكن معه قتال بل هو تعريض للنفس إلى التهلكة بلا ريب، وشرط العدد يؤيده ما صح عن ابن عباس من قوله: «إن فر رجل من اثنين فقد فر، وإن فر من ثلاثة فما فر»، مع ما صح من سبب نزول الآية التي فيها التخفيف فتكون التي قبلها منسوخة، لا كما عليه بعض من بالغ في إنكار النسخ، فحمل آية المصابرة الأولى على حالة القوة، والثانية على حالة الضعف، وانظر إرواء الغليل للألباني الحديث (١٢٠٦)، وإلا فما ذا يقال عن قول ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>