الموالاة الواجبة للمؤمن لأخيه باطنة وظاهرة، فأما الباطنة فهي محبته ومواداته لإيمانه، وأما الظاهرة فنصرته وعونه وما إلى ذلك مما يجب له من الحقوق عليه، قال الراغب: الولاء والتوالي أن يحصل شيآن فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة،،،»، انتهى، وتعريفه ﵀ دقيق، فإن موالاة المؤمن للمؤمن ليس فيها ما ليس منهما، لأن الذي يجمع بينهما رابط الإيمان، والإيمان قول وفعل واعتقاد، فمحبة كل منهما للآخر إنما هي لأجل ذلك، وكذا لغيره مما لا يتنافى معه، وكذلك موالاة الكافر للكافر، فإنهما ليس فيهما ما ليس منهما، بخلاف موالاة المؤمن للكافر فإن بينهما تنافرا بسبب الكفر والإيمان، ومحبة المؤمن للكافر الراجعة إلى النسب من أبوة وأمومة وبنوة وزوجية لا تناقض البراء الواجب، ولا تنقض الولاء المطلوب، وكراهية المؤمن للمؤمن لشيء غير الإيمان لا تنافي الولاء القائم بينهما، لكن بعضها يشرع وبعضها لا يشرع، والحب في الله والبغض في الله من الإيمان، وقد قال الله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (٧١)﴾ [التوبة: ٧١].
وقوله:«والنصيحة لهم»، أي كما تجب موالاتهم تجب النصيحة لهم، وفي الحديث الذي رواه مسلم عن تميم الداري، والترمذي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال:«الدين النصيحة»، قلنا لمن يا رسول الله»؟، قال:«لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»، وقد قال أبو داود عن هذا الحديث إنه أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، ذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم.
وروى البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله قال:«بايعت النبي ﷺ على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم»، وأحاديث النصح للمسلم متواترة كما ذكر