٧٨ - «وله أن يناكر المملكة خاصة فيما فوق الواحدة، وليس لها في التخيير أن تقضي إلا بالثلاث، ثم لا نكرة له فيها».
يختلف أمر المملكة عن المخيرة، فالمملكة إن طلقت نفسها واحدة؛ فلا مناكرة للزوج عليها، أي لا اعتراض، لأن الواحدة أقل الطلاق، وله المناكرة فيما زاد عليها، وذكروا لذلك شروطا منها أن ينكر ذلك حين سماعه منها، وأن يدعي أنه نوى واحدة أو اثنتين في حال تمليكه، وأن يكون تمليكه طوعا، وأما المخيرة؛ فإما أن تخير في العدد أو في النفس، فإن خيرت في النفس؛ فقالت اخترت واحدة، أو اثنتين؛ لم يكن ذلك لها، وبطل خيارها، لأن الطلقة الواحدة أو الاثنتين في المدخول بها لا تحرمانها عليه، فلا يثبت لها الخيار، وإن قالت اخترت نفسي؛ كان ثلاثا، ولا يقبل قولها إن فسرت بما دون ذلك متى كان التخيير في النفس، أما التخيير في العدد؛ فليس لها أن تختار زيادة على ما جعل لها، وإذا كان إيقاع الطلاق ثلاثا من الزوج في كلمة واحدة بدعة، وقد علمت الخلاف فيه، فكيف يسوغ أن يخير أو يوكل فيها المؤمن زوجته أو غيرها؟، وإذا كان المعتمد ما في القرآن والسنة من تخيير النبي ﷺ زوجاته؛ فكيف يصح منه أن يخيرهن في غير المشروع، وهو الطلاق البات، ولو كان دون الثلاث؟.
لكن قد يقال: إن من أثبت التخيير ثم زعم أنه لا يترتب على اختيار المرأة نفسها إلا طلقة رجعية يتعارض مع ذلك الإثبات، لأنها لا تملك نفسها حينئذ، بل بعلها أحق بها، والجواب: أنه لا شيء عليها في ذلك حيث لم يضارها، والحال أن الطلاق إنما جاء منه، فلا يخرج عن أصله، فإن كان قد سبق له عليها طلقتان؛ بانت منه، والله أعلم.
واعلم أن للعلماء في وقوع الطلاق بتخيير المرأة ثلاثة أقوال، الأول: اعتبار قول الزوج ذلك لزوجته طلاقا، ولو اختارته، فرأوا أن قوله لها اختاري؛ كناية عن الطلاق،