٤٣ - «وأهل آبار الماشية أحق بها حتى يسقوا، ثم الناس فيها سواء».
أما أن أهل آبار الماشية أحق بها فلأنهم حفروها لأنفسهم ولشرب مواشيهم، فهم أحق بها لأن رب الشيء أحق به، فما زاد عن حاجتهم فلا يجوز لهم منع الناس منه، قال النفراوي معللا:«لأنهم لم يحفروها لبيع مائها»، انتهى، وقوله ثم الناس فيها سواء، أي فلا يبيعوا الفاضل عن حاجتهم للنهي عن ذلك، وهم سواء متى استووا في الوصف، فإن اختلفوا كالمسافر والحاضر قدم المسافر، ولبعض أهل المذهب ترتيب فيمن يقدم من الناس ومن الحيوان في السقي، وهو ترتيب لا يسع المرء إلا التسليم به لأن قواعد الشرع تقره، ومحصله أنه يقدم شرب رب الماء، ثم يشرب المسافر ثم الحاضر، وبعد ري الأنفس يأتي دور الدواب، فتقدم دواب رب الماء، ثم دواب المسافر، ثم ماشية رب الماء، ثم ماشية المسافر، ثم ماشية الناس في الفضل سواء، وإنما قدمت الدواب على الماشية لأنه إن خيف عليها الموت ذكيت فانتفع بها بخلاف غيرها فإنها تنفق وتضيع على أربابها.
ولما تكلم على حكم الماء الكائن في الغدران أو في آبار الماشية التي تحفر لمجرد السقي منها لا بنية تملكها شرع فيما كان من العيون والآبار في الأرض المملوكة فقال: