٥٩ - «ومن قال لزوجته: أنت طالق؛ فهي واحدة حتى ينوي أكثر من ذلك».
أنت طالق لفظ صريح تقع به طلقة واحدة متى قصد النطق به كما تقدم، لا إن قال منطلقة، أو مطلقة، اسم مفعول من أطلق، فإن هذا من الكنايات مفتقر إلى النية، فإن لم ينو شيئا بقوله مطلقة، وطالق، ونحوهما؛ فهي واحدة، لأن المرة من ضرورة صدق اللفظ، وإن نوى أكثر منها؛ كان ما نواه، ويصدق بلا يمين في الفتوى، وبيمين في القضاء بناء على توجه اليمين في التهمة، والواقع بذلك طلقة رجعية في المدخول بها إن لم تكن الثالثة، وطلقة بائنة في غير المدخول بها.
وإذا كان الطلاق يتعدد بالنية؛ فأحرى أن يتعدد بتكرير اللفظ كأن يقول أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو يذكر الخبر دون المبتدإ، ما لم يقصد التأكيد، فإن قصده؛ فواحدة، وإن لم يقصد شيئا؛ استصحب الأصل في الكلام، وهو التأسيس، فتكون ثلاثا، وإن قال أنت طالق، وطالق، وطالق؛ فثلاث، لأن المعطوف غير المعطوف عليه، وكل هذا على مذهب الجمهور الذين يرون وقوع أكثر من طلقة في سياق واحد، ويبدو أن العلامة الفقيه الورع ابن باز ﵀ قد حمل حديث ابن عباس في احتساب الطلاق الثلاث واحدة على ما إذا قال أنت طالق ثلاثا، بخلاف ما إذا كرر اللفظ كأن يقول أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو ينسق الطلاق فقد رجح الوقوع، ومما قاله:«ولا أعلم إلى وقتي هذا أحدا من الصحابة أو من التابعين صرح بأن هذا لا يقع به إلا واحدة،،، ثم ذكر ما ذهب إليه الإمام ابن تيمية من عدم الوقوع من غير فرق ما لم يتخلل ذلك نكاح أو رجعة، قال ولا أعلم له أصلا واضحا يعتمد عليه من جهة النقل، وإن كان واضحا من جهة المعنى».