للبعير موضع الحافر للفرس، واستعمل في الشاة مجازا، والمراد مِنْ ذِكْرِهِ أن لا يقتصر التهادي على الكثير لأنه قد لا يتيسر فتفوت المصلحة المترتبة عليه، فلا ينبغي احتقار ما يهدى من المهدي ومن المهدى إليه، ورواه الترمذي (٢١٣٠) فزاد في بدايته: «تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر،،،»، لكن فيه أبا معشر وهو ضعيف، والوحر بفتح الواو غشه ووساوسه، وقيل الحقد والغيظ، وقيل العداوة وقيل أشد الغضب»، هكذا في النهاية، وكان رسول الله ﷺ يقبل الهدية ويثيب عليها»، رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وقال:«لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت»، رواه البخاري عن أبي هريرة، والكراع بضم الكاف مستدق الساق العاري من اللحم، وجاء فيما لا يرد مما يهدى حديث ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «ثلاث لا تُرد: الوسائد والدهن واللبن» رواه الترمذي.
وجاء النهي عن الهدية مكافأة على الشفاعة الحسنة فكيف بالشفاعة السيئة؟، فقد روى أبو داود (٣٥٤١) عن أبي أمامة عن النبي ﷺ قال: «من شفع لأخيه بشفاعة فأهدى له هدية عليها فقبلها فقد أتى بابا عظيما من أبواب الربا»، وفيه إطلاق الشارع لفظ الربا على المال المحرم، ومثل ذلك الهدية لذي السلطان فإن هدايا العمال غلول.
وروى أحمد وابن حبان عن ابن عباس ﵄ أن أعرابيا وهب للنبي ﷺ هبة فأثابه عليها، قال:«رضيت»؟، قال:«لا»، قال: فزاده، قال:«رضيت»؟، قال: لا»، قال: فزاده، قال:«رضيت»؟، قال: نعم، قال: فقال رسول الله ﷺ: «لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي»، قوله: أن لا أتهب أي أن لا أقبل هبة، وفيه حجة لمن امتنع من قبول الهبة ممن يؤذيه بها كأن يمن بها أو ينتظر منه الإثابة عليها وهو غير قادر على ذلك، إذ لا يهم النبي ﷺ إلا بحق، فيكون هذا مستثنى من مطلوبية قبول الهدية المأمور به اقتداء بفعل النبي ﷺ، ويناسب أن يذكر هنا حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:«ذبوا بأموالكم عن أعراضكم» قالوا: يا رسول الله، كيف نذب بأموالنا عن أعراضنا قال: «يعطى