الغصب في اللغة أخذ الشيء ظلما، فهو فيها أعم منه عند الفقهاء، وقد عرف بأنه «أخذ مال قهرا عدوانا من غير حرابة»، وتعقب بدخول المنفعة فيه لأنها تقوم بالمال مع أنها لا تسمى غصبا، وراعى ذلك من حده بقوله هو» أخذ مال غير منفعة قهرا ظلما لا لخوف قتال»، فقيد غير منفعة يخرج التعدي الذي هو أخذ المنافع في الاصطلاح عندهم، وبقيد القهر تخرج السرقة فإنها تكون خفية، ومثلها ما أخذ على وجه الخيانة والاختلاس، وقوله ظلما يخرج أخذ المال قهرا لا ظلما كالزكاة يأخذها الحاكم المسلم من مانعها، وكأخذ المرء ماله من المحارب، وكبيع مال المدين المماطل المليء، كما يخرج أخذ المال غيلة فإنه لا قهر فيه، وخرج أخذ المال بالحرابة لأنه وإن كان غصبا فإنه يخالف أحكام الغصب، وأخرجوا عن أحكام الغصب أخذ الوالد مال ولده أو ولد ولده لأن له شبهة فيه.
والغصب داخل في أكل أموال الناس بالباطل، وقد جاء النهي عن ذلك والوعيد عليه في كتاب الله مما لا يخفى، ومن كلام رسول الله ﷺ في هذا المقام قوله في خطبته يوم النحر بمنى:«إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا»، رواه الشيخان عن أبي بكرة ﵁، وقال:«لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولاعبا، وإذا أخذ عصا أخيه فليردها عليه»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي (٢١٦١) وحسنه عن السائب بن يزيد عن أبيه، وعن أنس ﵁ قال، قال رسول الله ﷺ:«لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه»، رواه الدارقطني، وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب النبي ﷺ أنهم كانوا يسيرون مع النبي ﷺ فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال النبي ﷺ:«لا يحل لمسلم أن يروع مسلما»، رواه أبو داود، والغصب اجتمع فيه القهر والترويع وأخذ المال الحرام، وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت قال