الخلقة لا يمكن لاختلاف الجنس الواحد في القيمة، فكانت القيمة أقرب إلى إبقاء حقه، ولأن ما لا يجوز الجزاف في عدد مبيعه فإنه لا يجب بإتلافه المثل»، انتهى.
قلت: ليس في الحديث دليل على ما ساقه له، أو ليس أن (المتلَف) هنا شقص في العبد يتعذر ضمان مثله، وليس لاختلاف الجنس فحسب، لأن إعطاء مالك الشقص مثلَه متوقف إما على البحث عمن يشركه في امتلاك شقص عبد آخر وهذا عسير، أو تعويض مالك الشقص بعبد كامل، وفي هذا جور على معتق الشقص، فلا مناص من اعتماد قيمة الشقص المملوك، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتقويم العبد، فلا يكون في الحديث دلالة على ما ذكره، وليس كل قيمي مثل العبد، وبهذا يظهر أن هذا الحديث ليس أقوى في الدلالة على الضمان بالقيمة من حديث القصعة، وإن رجح ذلك ابن عبد البر أيضا في الاستذكار (٧/ ١٤٩) بقوله: «والحديث في القضاء بالقيمة في الشقص من العبد أصح من حديث القصعة فهو أولى أن يمتثل، والله أعلم»، انتهى، أما قول الغماري إن ما لا يجوز الجزاف في عدد مبيعه لا يجب بإتلافه المثل، فإنها دعوى لا تسلم على إطلاقها، فإن الثياب مثلا لا يجوز بيعها جزافا، لكن من أتلف ثوبا جديدا وكان له نظير فَلِمَ لا يقال إنه يضمنه بمثله؟، وهكذا سائر العروض متى اتحدت نماذجها وتوفرت كما عليه الأمر الآن.