للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)[الأنفال: ٧٣]، ومعنى إلا تفعلوه إلا توالوا المؤمنين، وتتركوا موالاة الكافرين، فمرجع الضمير مفهوم من الإخبار بمن يُوَالَى ومن لا يُوَالَى، فتبين بهذا أن موالاة المؤمنين لا تتم إلا بترك موالاة الكافرين، وأصل موالاة المؤمنين دينهم، فمن والى الكافرين لدينهم فذلك ناقض لموالاة المؤمنين، قال تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)[آل عمران: ٢٨]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (١٤٤)[النساء: ١٤٤]، وقيد ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معناه النهي عن موالاتهم التي تنافي ولاية المؤمنين، ودونها التي تضر بالمؤمنين، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)[المائدة: ٥١]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣)[التوبة: ٢٣]، ولها نظير في سورة الحشر، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ (١)

[الممتحنة: ١].

وصلة المؤمن بالكافر أقسام بعضها كفر من غير خلاف، وبعضها معاص متفاوتة في الإثم، وقد وصل بها الشيخ الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير إلى ثمانية، وعنه أخذت الأصل عنه وأدخلت عليه ما رأيته مناسبا من الحذف والزيادة، ومرد كل هذه الأقسام إلى حب الكفار لأجل دينهم، أو لغير ذلك، وعلى الثاني إما أن يترتب على هذا الحب والميل أذى للمسلمين أو لا:

وأول الأقسام: أن يتخذ المسلم الكفار أو طائفة منهم أولياء له في باطن أمره ميلا منه إلى كفرهم، لا فرق بين مناوأة أهل الإسلام أو عدمها، والمناوأة دليل ظاهر على ذلك وهذه حالة كفر بلا ريب، وهي عمل المنافقين.

قال السيد ابن المرتضى اليماني في كتابه إيثار الحق نقلا عن غيره: «إن الموالاة

<<  <  ج: ص:  >  >>