المحرمة بالإجماع هي أن تحب الكافر لكفره، والعاصي لمعصيته، لا لسبب آخر من جلب نفع أو دفع ضر أو خصلة خير فيه».
والثاني: أن يركن المسلم إلى الكفار ويظاهرهم لأجل تحصيل منفعة أو دفع ضرر عن نفسه أو عن أهله الذين يكونون بينهم من غير ميل إلى دينهم، مع كونهم مجاهرين بالعداوة للمسلمين ساعين في إيذائهم، مع أنه لم ينقطع عن محبة المسلمين وموالاتهم، وإثم هذا العمل عظيم، وإن كان لا يوجب كفر صاحبه، لكن من وقع فيه يوشك أن يواليهم على مضرة الإسلام نفسه.
ويذكر هنا ما حصل لحاطب بن أبي بلتعة ﵁ حين أخبر المشركين بمقدم النبي ﷺ لفتح مكة، ومما قاله للنبي ﷺ بعد أن كشف أمره:«لا تعجل عَلَيَّ يا رسول الله، إني كنت امرأ من قريش، ولم أكن من أنفسهم، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذا فاتني من النسب فيهم أن اصطنع إليهم يدا يحمون قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني، فقال النبي ﷺ: «إنه قد صدقكم»، رواه البخاري عن علي.
والثالث: أن يميل إلى الكفار الذين لا يجاهرون بالعداوة للمسلمين ولا يؤذونهم من غير اضطرار إلى ذلك، وقد كان نصارى العرب على هذا لتحو عند ظهور الإسلام، قال الله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢)﴾ [المائدة: ٨٢].
والرابع: وهو مثل السابق لكن مع الحاجة إلى الكفار، كما كان حال نصارى الحبشة وملكهم مع المؤمنين، إذ هاجر بعض المسلمين إلى أرضهم فرارا بدينهم، فآووهم ولم يستجيبوا لكفار قريش حين طالبوهم بطردهم، وهذه لا توجب كفرا، ولكن ينهى عنها إلا عند الاضطرار بحيث لم يجد بلدا مسلما يفر إليه، لأنها قد تجر إلى استحسان ما هم عليه وانطلاء مكايدهم على المسلمين.
ويشبهها اليوم طلب اللجوء السياسي من بلدان الكفر والتمتع عندهم بالحقوق