١٣ - «والهبة لصلة الرحم أو لفقير كالصدقة لا رجوع فيها».
اعلم أن ذا الرحم أولى بالعطاء من البعيد، لقول رسول الله ﷺ:«الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم صدقة وصلة»، رواه أحمد والترمذي والنسائي عن سلمان بن عامر الضبي، ولقوله ﷺ:«من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه»، رواه الشيخان وأبو داود والنسائي عن أنس، وفي رواية:«من سره أن يعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه»، وصلة الرحم أعم من أن تكون بالعطية أو بغيرها.
ومراد المؤلف الهبة لذي الرحم لأجل صلته، والرحم هنا مجاز، أُطلق المحل وأريد الحال، أي الذي يجمعك به الرحم، وقد قيد بعض الشراح ذا الرحم بمن يحرم نكاحه، واللفظ أعم منه فلينظر، وقد حكى ابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ٢٣٤) أن مذهب مالك عدم التفريق في هبة الثواب بين أن تكون لذي الرحم وغيره، وإذا كنت على ذكر من أن الهبة لا يرجع فيها الواهب تبين لك أن لا مفهوم لقول المصنف هنا، فيكون مراده ذكر بعض الأفراد من هبة غير الثواب لا تقبل فيها دعوى إرادة الثواب، لكونها ظاهرة في عدم إرادة ذلك القصد، فما كان كذلك ألحق به كالهبة للفقير والصالح واليتيم، وكلام الشراح هنا فيه اضطراب، ولعل ما ذكرته من قصر كلام المؤلف على ذبك المعنى يزيل الإشكال إن شاء الله، والعلم عند الله، وقد أطلق الترمذي القول في عدم جواز الرجوع في الهبة لذي الرحم المحرم، ونسبه لبعض أهل العلم من الصحابة ومن دونهم، فجعلوا الهبة لذي الرحم مثل الصدقة، وروى الدارقطني والبيهقي والحاكم عن سمرة قال، قال رسول الله ﷺ:«إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها»، وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين وتعقب كذا قال الغماري في مسالك الدلالة، وقال الحافظ في التلخيص الحبير (ح/ ١٣٣٠): «سنده ضعيف»، وانظر نيل الأوطار (٦/ ١١٥).
وقد جاء في حديث ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال: «العائد في