هبته كالعائد في قيئه»، رواه أحمد والشيخان (خ/ ٢٦٢١) وأبو داود والنسائي، وظاهر هذا التشبيه التحريم، وفي لفظ:«ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه»، وهذا لا يدل على خلاف ما تقدم لأن المراد التنفير من الرجوع في الهبة، فكيف بالصدقة والحبس؟، وقال الطبري:«يخص من عموم هذا الحديث من وهب بشرط الثواب، ومن كان والدا والموهوب له ولده، والهبة لم تقبض، والتي ردها الميراث على الواهب، لثبوت الأخبار باستثناء كل ذلك، وأما ما عدا ذلك كالغني يثيب الفقير ونحو من يصل رحمه فلا رجوع»، انتهى بالنقل عن فتح الباري (٥/ ٢٩١)، باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته.
وقد جاء ما أخذ منه الفرق بين هبة الثواب فيجوز الرجوع فيها وغير الثواب فلا يجوز الرجوع فيها، إذ روى مالك في الموطإ (١٤٣٦) عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب قال: «من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إن لم يرض منها»، انتهى، وسيأتي الكلام على هبة الثواب.