٥٦ - «و العهدة جائزة في الرقيق إن اشترطت أو كانت جارية بالبلد، فعهدة الثلاث الضمان فيها من البائع من كل شيء و عهدة السنة من الجنون والجذام و البرص».
العهدة في اللغة من العهد، وهو الإلزام والالتزام، والمراد هنا تعلق بيع الرقيق بضمان البائع مدة معلومة، فإذا بيع الرقيق من غير براءة من العيوب الطارئة لزمت فيه عهدة الثلاث في جميع البلدان متى اشترطت، وهو الذي رجحه ابن عبد البر في الكافي (١/ ٣٥٢)، ومثل ذلك ما إذا جرت بها عادة الناس ولو لم تشترط، أو حمل السلطان الناس عليها، وقيل يعمل بها في مدينة النبي ﷺ بخاصة، وهذا الأخير يمكن إرجاعه لواحد مما تقدم، فما أصاب العبد أو الأمة فيها فهو من مال البائع، وللمشتري أن يرده بلا بينة، وقد جاء في العهدة حديث عقبة بن عامر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«عهدة الرقيق ثلاثة أيام»، رواه أبو داود (٣٥٠٦)، وفي رواية له:«إن وجد داء في الثلاث رد بغير بينة، وإن وجد داء بعد الثلاث كلف البينة أنه اشتراه وبه هذا الداء»، قال أبو داود هذا التفسير من كلام قتادة، انتهى، والحديث منقطع، لأن فيه الحسن ولم يصح سماعه من عقبة بن عامر.
والعهدة نوعان كبرى في الضمان، صغرى في الزمان، وهي عهدة ثلاثة أيام بلياليها، يكون فيها الضمان على البائع في كل ما يظهر على الرقيق من الإباق والجرح، وسائر الآفات حتى الموت، ولم يستثنوا إلا ذهاب مال العبد، فلا يرد به، ومدة ذلك ثلاثة أيام بعد العقد، تبتدئ من أول النهار المستقبل متى كان العقد بعد الفجر، وقيل متى كان ذلك بعد طلوع الشمس جريا على عدم اعتبار كسر اليوم وقد تقدم غير مرة.
والعهدة الثانية كبرى في الزمان، صغرى في الضمان، ومدتها سنة، يضمن فيها البائع ما يظهر على الرقيق من ثلاثة أمور هي الجنون والبرص والجذام.