١٥ - «وله أن يعتصر ما وهب لولده الصغير أو الكبير ما لم ينكح لذلك أو يداين أو يحدث في الهبة حدثا».
احتجوا على جواز رجوع الوالد فيما وهبه لولده بحديث طاوس عن ابن عمر، وابن عباس ﵃ أن النبي ﷺ قال:«لا يحل لأحد أن يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه»، رواه أصحاب السنن (د/ ٣٥٣٩)، وصححه الترمذي (١٢٩٩) والألباني، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ٢٣٦) بعد أن حكى تعليق الشافعي القول بالحديث على اتصاله: «قد وصل حديث طاوس حسين المعلم وهو ثقة ليس به بأس»، انتهى، واسترجاع الهبة من الولد يسمى اعتصارا، وهو خاص بالأب دنية - أي الأب المباشر - فلا يجوز ذلك للجد، وله الرجوع من غير فرق بين ولده الذكر والأنثى والغني والفقير حاز الهبة أو لم يحزها، ما لم ينكح الولد أو يداين، والهبة التي تسترجع إنما هي المعطاة لا لأجل الصلة أو الفقر أو إرادة ثواب الآخرة.
فإن قلت: هذه أمور باطنة فأنى لنا أن نعلمها؟، فالجواب: أنها قد تعلم بالتصريح، وإلا فإن المعطي يعلم وجه عطائه فيكون ممنوعا عليه الرجوع، فإن خالف أثم، وكثير من أحكام الله تعالى أمانات عند المكلفين لا رقيب عليهم فيها غيره سبحانه.
وإنما منعوا رجوع الوالد في حالة نكاح الولد ذكرا كان أو أنثى أو مداينته لأنه قد اعتمد في ذلك على الهبة، وشُغلت ذمته بناء عليها، وهكذا إذا أحدث في الهبة حدثا يغيرها بالزيادة أو النقصان، كأن وهبه والده آجرا فبني به، أو حديدا فصنع به آنية، أو أرضا فبنى عليها، فهذا يمتنع معه الرجوع، قال مالك في الموطإ:«الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نُحْلًا أو أعطاه عطاء ليس بصدقة أن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد دَيْنًا يداينه الناس به، ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئا،،،»، انتهى، وذكر من أمثلة ما لا رجوع فيه الابن يتزوج وكذلك البنت.