قلائل طيبات كما في سنن أبي داود، وقد خصه الله تعالى بجوامع الكلم، ولهذا كان من علامة فقه الرجل تقصير الخطبة وتطويل الصلاة.
والواجب هو أحد الأحكام الخمسة التكليفية التي لا تخرج أفعال المكلفين عنها، وهو في اللغة الساقط، وفي الاصطلاح ما في فعله الثواب وفي تركه العقاب، ويقابله الحرام فإنه ما في تركه امتثالا الثواب، وفي فعله العقاب، والمستحب مثل الواجب، غير أنه لا عقاب في تركه، والمكروه مثل الحرام غير أنه لا عقاب في فعله، والمباح ما ليس في فعله ولا في تركه العقاب بحسب الأصل، والمؤلف وإن لم يذكر الحرام والمكروه والمباح، فإن كتابه تضمنها، ويمكن أن يقال إن الواجب في قوله المراد به المحتم، وهو إما واجب الفعل، أو واجب الترك، والمكروه يندرج تحت المحرم لكونه مطلوب الترك، أما المستحب فقد ذكره، فكأن قوله من واجب أمور الديانة مع ما بعده تضمن الإشارة إلى الأحكام جميعها، والله أعلم.
والأحكام الشرعية مما يتعين الاهتمام به والحرص على أن يكون قطب الرحا في كل عمل دعوي، فإن كل ما في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ من أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وأفعاله الجميلة وتدبيره الحكيم وما أخبر به عن صالحي عباده، وذكر سيرهم وأخبارهم، وما أعد لهم في جنته من النعيم، وذكر أعدائه وما أوعدهم به من العذاب الأليم وما نصب عليه آياته الكونية الدالة على كمال قدرته وعلمه ومشيئته العامة، كل ذلك مراد به أن تقام به الحجة على لزوم طاعته والإذعان لحكمه، ولهذا لا بد من بيان ما يعبد به ويطاع مما يقوي عظمته في النفس ويرسخها، ولهذا كان السلف يحذرون من الإخباريين والقصاص الذي لا يعرفون الأحكام.
قوله:«مما تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب وتعمله الجوارح وما يتصل بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها، وشيء من الآداب منها وجمل من أصول الفقه وفنونه».
هذا بيان للواجب في قوله «من واجب أمور الديانة»، إذ الواجب يكون اعتقادا ونطقا كالشهادتين، ويكون نطقا فقط كألفاظ الأذان والإقامة وكالأمر بالمعروف والنهي عن