ويجلس فيتشهد ويسلم، وإذا طبقناه على من أدرك الركعة الأخيرة من العشاء لكان عليه أن يقوم بعد سلام إمامه فيأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهرا ويجلس لأنها الثانية في الفعل، ثم يقوم فيأتي بركعة بالفاتحة والسورة جهرا، ثم بركعة بالفاتحة وحدها سرا، ويجلس ويتشهد ويسلم، ومن أدرك ثالثة الظهر أو العصر أو العشاء أتى بركعتين بالفاتحة والسورة.
ومستند هذا ما رواه مالك (١٤٧) والشيخان (خ/ ٦٣٦) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة»، قوله (ثوب للصلاة)؛ التثويب هنا الإقامة، لأن المؤذن يَثُوب أي يرجع إلى النداء بعد الأذان، وقد تقدم معنى التثويب في باب الأذان، وجملة وأنتم تسعون، وكذا جملة وعليكم السكينة؛ حاليتان، وقيل السكينة منصوبة على الإغراء، والسعي هنا السير على الأقدام بسرعة، وقد جاء النهي صريحا عن الإسراع في بعض الروايات، أي لا تأتوا الصلاة مسرعين، وأتوها بسكينة، من السكون وهو الهدوء والتأني في السير، والوقار مثلها، فيكون توكيدا، وقيل السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث، والوقار في الهيئة كغض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات، نقل ذلك الحافظ عن النووي، وإنما ذكر السكينة والوقار، ولم يقل مثلا وأتوها ببطء، لأن البطء ليس مقصودا لذاته، ولأن الاشتداد في السير تزول معه السكينة، فنبه بذكرها على علة النهي عن السعي، ثم ترقى ﷺ درجة أعلى في البيان، وهو أن الذاهب إلى الصلاة هو في صلاة، والصلاة لا يليق بها الاضطراب والقلق، ورأى بعضهم ومنهم الباجي أن السرعة إذا لم تناف السكينة ساغت، وعضدوا ذلك بفعل ابن عمر وغيره، وهو رأي في مقابل النص، قال ابن عبد البر رادا على من جوز الإسراع إذا خاف فوات التكبيرة الأولى:«ومعلوم أن النبي ﷺ إنما زجر عن السعي من خاف الفوت،،، فالواجب أن يأتي الصلاة من خاف فوتها، ومن لم يخف بالوقار والسكينة، وترك السعي، وتقريب الخطا لأمر النبي ﵇ بذلك، وهو الحجة»، انتهى.
وموضع الدليل من الحديث قوله ﷺ:«فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا»، وفي بعض روايات الحديث فاقضوا، وقد ضعفها بعض أهل الحديث، واعتمد بعضهم على