للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٦ - «والاثنتين الثلثان فإن كثرن لم يزدن على الثلثين شيئا».

للاثنتين من بنات الصلب فأكثر الثلثان، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾، وقد اختلف في الاستدلال بهذه الآية، فإن ظاهرها أن لهما الثلثين إن زدن على الثنتين، ويدل على ما ذهب إليه الجمهور من توريث الإثنتين الثلثين أن للأختين فأكثر الثلثين بنص كتاب الله تعالى وبالإجماع، قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ﴾، فأحرى أن يكون ذلك للبنتين لكونهما أولى منهما بالميراث، ولأن الأخوات مع البنات عصبات كما سيأتي، ومما يدل على ذلك أيضا أن الله تعالى جعل للواحدة النصف بقوله: ﴿وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾، ولم يذكر للاثنتين شيئا، فدل على أن لهما الثلثين، وأما ما قيل من أن الظرف «فوق»، زائد كما هو في قوله تعالى ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ (١٢)[الأنفال: ١٢] فلا يصح لوجوه، منها: أنه مردود بقوله في السياق فلهن ثلثا ما ترك، إذ لم يقل فلهما ثلثا ما ترك، ومهما يكن فقد نقل الإجماع على ذلك، ودلت عليه السنة إذ روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن جابر قال: «جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله بابنتيها من سعد فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يَدَعْ لهما مالا، ولا تنكحان إلا بمال»، فقال: «يقضي الله في ذلك»، فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله إلى عمهما فقال: «أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك»، وفيه جواز القول عمن مات في سبيل الله إنه شهيد، وفيه دليل على ما تقدم من أن المرأة كانت لا تُوَرث في الجاهلية، وقد قيل إن أول توريث حصل في الإسلام هو توريث ابنتي سعد بن الربيع .

<<  <  ج: ص:  >  >>