هذا نص حديث، وهو المانع الثاني من موانع الميراث، وهو اختلاف الدين، دل عليه قول النبي ﷺ:«لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم»، رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن عن أسامة ﵁، وروى مالك شطره الأول، وكأنه اقتصر عليه لأنه هو الذي اختلف فيه، بخلاف ما في الشطر الثاني فهو إجماع ذكر نحوا من هذا أبو عمر ابن عبد البر.
والعبرة بالتوريث أو عدمه هو وقت موت المورث، لأن الميراث يستحق بالموت، فإذا أسلم بعد موته وقبل القسمة فلا ميراث له، كما قاله البخاري في ترجمته على الحديث، وجاء عن بعض السلف أن العبرة بوقت قسمة الميراث، والظاهر الأول لأنه وقت الاستحقاق، وقد تتأخر القسمة ويطول الوقت، وذهب بعض السلف منهم معاذ ومسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وغيرهم إلى توريث المسلم من الكافر، وعدم توريث الكافر من المسلم فكأنه قياس على تزوج المسلم من الكتابية وعدم تزوج الكتابي من المسلمة، وهو قياس فاسد الاعتبار لوقوعه في مقابل النص، وثمة ظواهر لا تنهض للاستدلال ككون الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
فأما التوارث بين غير المسلمين فالجمهور على القول به، وذهب بعضهم إلى أن الكفار لا يتوارثون متى اختلفت مللهم اعتمادا على حديث «لا يتوارث أهل ملتين شتى»، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عن ابن عمرو، وحمل القائلون بالتوارث هذا الحديث على التوارث بين المسلمين وغيرهم من الملل، وعن النبي ﷺ أنه قال:«لا يتوارث أهل ملتين»، أخرجه النسائي والحاكم عن أسامة، وهو أيضا عند الترمذي عن جابر، وروى مالك في الموطإ ومن طريقه البيهقي عن محمد بن الأشعث أن عمة له يهودية أو نصرانية توفيت، فذكر ذلك لعمرابن الخطاب ﵁ فقال له:«من يرثها»؟، فقال له عمر: «يرثها أهل