١٩ - «ولا جار لنفسه ولا دافع عنها ولا وصي ليتيمه، وتجوز شهادته عليه».
مثال من يجلب بشهادته نفعا لنفسه أن يشهد لشريكه في شيء من مال الشركة بخلاف غير مال الشركة فتجوز شهادته بشرط التبريز كما تقدم في شهادة الأخ لأخيه، ومثال من يدفع عنها ضررا أن يكون لزيد دَيْنٌ على بكر وادعى خالد دَيْنًا على بكر، فيشهد زيد لبكر أن أنه قضى خالدا دَيْنَهُ فلا تقبل شهادته لأنه يتهم بدفع الخصومة في المال عن نفسه، وفي شهادة الوصي ليتيمه تهمة جلب المال ليتصرف فيه، وإنما نص عليه مع دخوله فيما تقدم ليرتب عليه قوله «وتجوز شهادته عليه»، لانتفاء التهمة.
وقد أجمل زروق ﵀ في شرحه ما ترد من أجله الشهادة فقال:«واعلم أن مواضع الشهادة سبعة: أولها التغفل فلا يقبل المتغفل ولو كان عدلا، الثاني الجلب لنفسه والدفع عنها، الثالث التهمة بالحب والبغض، ومنه الوالد والولد والخصم وما في معناه، والرابع العداوة، والخامس نقص المعرة بتكثير مثلها، ومنها شهادة المحدود في حده، والسادس الحرص على الأداء والتحمل»، انتهى ببعض التصرف، وقوله مواضع الشهادة لعل الصواب مواضع رد الشهادة، ولم أجد السابع، والسادس ليس على إطلاقه بل بقيد أن يكون صاحب الحق عالما بشهادة الشاهد، وإلا فإن المبادرة بالشهادة قبل طلبها قد جاء مدحها في قول النبي ﷺ:«خير الشهود من أدى شهادته قبل أن يسألها»، رواه البيهقي عن زيد ابن خالد، ويعارضه قوله ﷺ:«خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يكون بعدهم قوم يخونون ولا يؤتمنون، ويَشْهدون ولا يُسْتَشْهَدُون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السِّمَنُ»، رواه الشيخان عن عمران بن حصين، وقد حملوا الأول على ما إذا كان صاحبها غير عالم بها، والثاني على شهادة الباطل ومع ذلك يبادر بها متحملها، والله أعلم.