للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠ - الاهتمام بنصوص الكتاب والسنة]

وقد اعتنى ابن أبي زيد في رسالته بالنصوص اقتباسا وتضمينا، حتى قيل إن فيها (٤٠٠) حديث، تارة بالنص والتصريح، وتارة بالإشارة والتلويح، قال زروق: «وهي إذا تتبعت وجدت على ذلك، إلا في القليل، لكن مع ضعف جملة من أحاديثها»، انتهى، ويدل هذا ما كان عليه زروق من العناية بالحديث وله في مصطلحه مختصر مطبوع.

ومن الأمثلة على ما سبق وهي كثيرة أنه افتتح باب طهارة الماء بقوله: «والمصلي يناجي ربه» (١)، وباب الأيمان بقوله : «من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت» (٢)، كما افتتح كلامه على النذر بقوله : «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (٣)، وقوله أول باب البيوع: «وأحل الله البيع وحرم الربا»، وأشار إلى الأحاديث التي ينبني عليها الدين.

لكنه تجاوز ذلك فحذا أحيانا حذو النصوص في ترتيبها للأحكام، حتى إن شراح كتابه لما عرفوا منهجيته هذه صاروا يبينون غرضه من ذلك، كقول أبي الحسن معللا سبب تقديمه الكلام على زكاة الإبل قبل غيرها: «وبدأ بالكلام على بيان فروض زكاة الإبل اقتداء بالحديث»، فإذا رأوا منه مخالفة لهذا الذي عودهم عليه تنبهوا له، فقالوا لو قال كذا لوافق ترتيب الحديث، كقول أبي الحسن في مسألة الخلطة عند قوله: (ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة) (٤)، قال: «ولو قدم هذا على قوله: (وكل خليطين فإنهما يترادان بينهما بالسوية) لكان أولى، لأنه وقع في الحديث مرتبا كذلك» (٥).

وقال الشيخ أبو الحسن عند قول الرسالة: «وينهى عن الصلاة في معاطن الإبل»، قال:


(١) «طرف من حديث رواه مالك في الموطإ»، ونحوه عند البخاري (٤٠٥)، ومسلم (٤٩٣) عن أنس.
(٢) «طرف من حديث في الصحيحين»: البخاري (٢٦٧٩)، ومسلم (١٦٤٦) عن عمر.
(٣) رواه البخاري (٦٦٩٦) وأصحاب السنن عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
(٤) رواه البخاري (٦٩٥٤) باب في الزكاة.
(٥) رواه البخاري (١٤٥١) بلفظ «يتراجعان» بدل «يترادان».

<<  <  ج: ص:  >  >>