[٣٢ - باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان]
هذا بعض ما ترجم به هنا، وهو ثمانية أمور: النكاح وتوابعه من الطلاق والرجعة والظهار والإيلاء واللعان والخلع والرضاع، وسيأتي بيان معاني ما ترجم له عند الكلام عليه، وقد ابتدأ بالنكاح، وهو في اللغة حقيقة في الوطء مجاز في العقد، وفي الشرع خلاف اللغة، لكن قد يراد به الوطء، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ (٢٣٠)﴾ [البقرة: ٢٣٠]، فإن اعتباره دالا على الوطء الذي لا تحل المطلقة ثلاثا لزوجها الأول إلا به؛ أولى من اعتباره مجملا تفسره السنة مع صلاحية اللفظ للمعنى، ثم وجدت ابن العربي ذكر هذا في أحكام القرآن فانظره.
والنكاح هو أحد أمرين لا يحل قضاء الشهوة إلا بواحد منهما، والثاني ملك اليمين لقول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)﴾ [المؤمنون: ٥ - ٧]، فلا تجوز تلك المتعة المنوطة بهما بغيرهما من الوسائل، ومن جملة الممنوع الاستمناء الذي كان العرب يكنون عنه بجَلد عميرة، ودليل المنع ما في الآية من التصريح بأن ما خلاهما اعتداء وظلم، وما كان ربك نسيا، ولأن الله تعالى أمر بالنكاح من قدر عليه، وأمر من لم يقدر عليه بالاستعفاف، فقال: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: ٣٣]، وأرشد النبي ﷺ من لم يستطع الباءة إلى ما يستعان به على درء خطر الشهوة، وهو الصوم، فمن تجاوز ما شرع الله له؛ فقد تعدى حدوده، ومن تعداها فقد ظلم نفسه، قال حرملة بن عبد العزيز سألت مالكا عن الرجل يَجلد عميرة؛ فتلا هذه الآية، يعني الآيات الثلاث المتقدمة من سورة المؤمنون.
قال ابن العربي ﵀ في أحكام القرآن (٣/ ١٣١) عن الاستمناء بعد أن ذكر تجويز