للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٤ - «ومن استجمر بثلاثة أحجار يخرج آخرهن نقيا؛ أجزأه، والماء أطهر وأطيب، وأحب إلى العلماء».

يصح الاستجمار بكل طاهر على الوصف الذي تقدم، ومن ذلك أن يستجمر بثلاثة أحجار، فإنها تكفيه متى حصل الإنقاء، فقد روى البخاري (١٥٦) عن ابن مسعود قال: «أتى النبي الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة، وقال: هذا ركس»، وعند أحمد زيادة: «ائتني بغيرها»، والركس النجس، لكون أصله طعاما فرد إلى حالة النجاسة، كالرجيع رجع عن أصله إلى ما هو عليه من النجاسة.

وفي صحيح مسلم من حديث سلمان «نهي النبي عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار»، فيتعين هذا العدد، وقد قال به من المالكية ابن شعبان، ووجهه أنها توقيت من الشارع، وله أن يؤقت، ولو كان المطلوب الإنقاء؛ اعتبر ذلك أقل ما يُتَمكن به منه، أما حديث أبي هريرة مرفوعا: «من استجمر فليوتر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج»، رواه ابن ماجة (٣٣٧)، فإنه يصلح صارفا لو صح، والمشهور في المذهب الإجزاء بما دون الثلاثة، متى تم الإنقاء.

فإن قيل: فما وجه النهي عن الاستجمار بما دون الثلاثة، مع إمكان الإنقاء بذلك؟، فالجواب: أن الجمار لا تزيل الأثر، بل تزيل العين، فشرع هذا العدد، فمن أنقى بدونه فقد حصل له المطلوب، ويكمل العدد مبالغة في إزالة العين، ومثله الاعتداد بثلاثة قروء مع أن براءة الرحم تظهر بقرء، وقريب منه غسل اليدين ثلاثا قبل إدخالهما في الإناء ولو نظيفتين، وليس منه غسل الأعضاء في الوضوء ثلاثا.

وصحّ عن النبي الاستنجاء بالماء، فعن أنس بن مالك أنه دخل حائطا ومعه

<<  <  ج: ص:  >  >>