للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: «أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق،،،» الحديث، هذا من حيث الجملة.

أما التفصيل فإن الصلاة على النبي في التشهد حكمها الاستحباب في المذهب، وهو مذهب الجمهور، وذهب فريق من الصحابة، والسلف منهم الشافعي إلى وجوبها، وقال بذلك ابن العربي، والصيغة التي ذكرها المؤلف ليست في شيء من الأحاديث الصحيحة، ولا الحسنة، وقد أخذها عليه بعض العلماء ومنهم القاضي أبو بكر بن العربي حيث قال: «وهم شيخنا أبو محمد وهما قبيحا، خفي عليه الأثر والنظر فزاد «وارحم محمدا»، وهي كلمة لا أصل لها إلا في حديث ضعيف، لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه»، ذكره في مسالك الدلالة، وقال في العارضة: «حذار ثم حذار من أن يلتفت أحد إلى ما ذكره ابن أبي زيد، فيزيد في الصلاة على النبي : وارحم محمدا، فإنها قريب من البدعة، لأن النبي علم الصلاة بالوحي، فالزيادة فيها استقصار له، واستدراك عليه، ولا يجوز ان يزاد على النبي حرف،،،»، وقال: «وهذا من تحريف الشريعة وتبديلها»، ذكره الشيخ زروق في شرحه، وانظر المسالك في شرح موطإ مالك (٣/ ١٥٦) لابن العربي.

قلت: لا يصح أن يقال هذا عن ابن أبي زيد، فإنه من حماة الشريعة، لا من مبدليها، ولعل مستنده فيما ذكره بعض الأحاديث التي ورد فيها ذكر الرحمة، ومنها حديث بريدة عند أحمد مرفوعا: «اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد، وآل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»، وفيه داود الأعمى وهو ضعيف جدا، متهم بالوضع، قاله في التحفة، والعبرة التي رميت إليها من إثبات كلام ابن العربي حرص العلماء على التزام الألفاظ الواردة عن النبي تعبدا، وهو حرص قد يبدر بسببه من العالم إغلاظ في القول، ووصف للعمل بأنه بدعة، لكنه لا يصف الفاعل بالمبتدع، إذ ما كل من فعل بدعة هو مبتدع، فكيف إذا كان ذلك على الاحتمال؟، ولا يحتاج هذا الأمر إلى ذكر أمثلة، لكن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، فكيف مع العلماء الربانيين؟.

ومن الصيغ الثابتة في الصلاة على رسول الله التي يصلى بها عليه في التشهد:

<<  <  ج: ص:  >  >>