للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٦ - «وينهى أن يطلق في الحيض، فإن طلق؛ لزمه، ويجبر على الرجعة، ما لم تنقض العدة».

من علم أن امرأته حائض وطلقها؛ كان طلاقه بدعيا، وكان آثما بفعله، ومع ذلك تحسب عليه تلك الطلقة، ويجب عليه أن يراجع زوجته أو يجبره الحاكم على مراجعتها، ويهدده بالضرب وبالسجن، فإن أبى ارتجع عنه كذا قالوا، ما لم تكن الطلقةَ الثالثة، أو تنقضي عدتها، وقد دل على المنع من الطلاق في الحيض وعلى مطلوبية المراجعة حديث ابن عمر الذي فيه الأمر بالمراجعة، وقد تقدم، ووجه الدلالة أنه أمر أباه أن يأمره بمراجعتها، فكان منهيا عن الوسيلة إلى خلاف ذلك، وهي الطلاق في الحيض، لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، ويدل النهي عن الطلاق زمن الحيض على أن الزوج يتفقد زوجته، ويعلم حالها، وعلى أنه لا ينبغي أن يكون في الطلاق مجازفا، بل يتروى حتى يعلم ما يجوز له مما لا يجوز، فيصدر عنه الطلاق إن كان لا بد منه؛ بعد تفكير وترو.

واحتساب الطلاق الذي يقع في الحيض من مواضع الخلاف، ومرده إلى اختلاف أهل العلم في احتساب تطليقة ابن عمر حين أمر بمراجعة زوجته، والأحاديث في ذلك متعارضة، بل والروايات في الحديث الواحد كذلك، ولو قدرنا تكافأ الأحاديث برواياتها في الاحتساب وعدمه، وتعذر الترجيح؛ لكان من اللازم الرجوع إلى مقاصد الشرع في الطلاق، وما جاء في نصوص الكتاب والسنة من النهي عن طلبه، وتضييق نطاقه، ولأن النهي إذا جاء من الشرع عن شيء؛ فإن السلف كانوا يحتجون به على بطلانه، وعدم الاعتداد به، فيكون هذ الذي أشرت إليه مرجحا لعدم وقوع الطلاق البدعي عموما، ومنه الطلاق في الحيض، على أن المحققين من أهل العلم قد انبروا لمدارسة الأحاديث المختلفة والروايات المتعارضة وخلصوا إلى أن طلقة ابن عمر لم تحتسب، ومما صح في

<<  <  ج: ص:  >  >>