لكن فيه زياد بن عبد الرحمن بن أنعم الإفريقي وهو ضعيف، والآية المحكمة خلاف المنسوخة لأنها لا يعمل بها، والسنة القائمة هي الثابتة في الرواية، والفريضة العادلة، إما من العدل في القسمة فتكون معدلة على السهام والأنصباء المذكورة في الكتاب والسنة، أو هي المستنبطة من الكتاب والسنة ومن معناهما فتعدل ما أخذ منهما»، هذا معنى ما ذكره الخطابي ﵀ في المعالم، والمعنى الأخير الذي ذكره للفريضة العادلة هو الذي يلتقي مع ما فهمه ابن ماجة من هذا الحديث لأنه لم يذكره في باب الفرائض، وقوله وما سوى ذلك فضل، أي لا حاجة إليه، فهو من فضول العلم، وروى الدارمي والبيهقي عن الأعمش عن إبراهيم قال، قال عمر بن الخطاب ﵁:«تعلموا الفرائض فإنها من دينكم»، وهو منقطع.
وقال ابن عبد البر ﵀ كما في فتح الباري:«أصل ما بنى عليه مالك والشافعي وأهل الحجاز ومن وافقهم في الفرائض قول زيد بن ثابت، وأصل ما بنى عليه أهل العراق ومن وافقهم فيها قول علي بن أبي طالب، وكل من الفريقين لا يخالف قول صاحبه إلا في اليسير النادر إذا ظهر له مما يجب الانقياد له»، انتهى.
قلت: ويستدل أهل العلم على أن زيد بن ثابت ﵁ يترجح قوله على غيره كما هو صنيع البيهقي في كتابه السنن الكبرى بما جاء في حديث أنس بن مالك قال، قال رسول ﷺ:«أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أُبَيٌّ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح»، رواه أحمد والترمذي وابن ماجة، وقد تعلم زيد السريانية في أقل من شهر بأمر من النبي ﷺ، وأخذ ابن عباس بركابه، فقال له زيد:«تنح يا ابن عم رسول الله، فقال: «إنا هكذا نفعل بكبرائنا وعلمائنا»، رواه البيهقي عن أبي سلمة، لكن كون زيد أفرض الصحابة لا يلزم منه أن تكون كل أقواله في الفرائض راجحة، فهذا عبد الله بن عباس دعا له رسول الله ﷺ بأن يفقهه الله في الدين وأن يعلمه التأويل وهو حبر الأمة، ومع ذلك ترك الناس بعض ما ذهب إليه، ﵁ وعن أصحاب رسول الله أجمعين.