٣٥ - «وإحرام المرأة في وجهها وكفيها، وإحرام الرجل في وجهه ورأسه».
معنى كون إحرام المرأة والرجل في شيء عدم جواز تغطيته، فلا تستر المرأة وهي محرمة وجهها بنقاب، ولا كفيها بقفازين، وقد جاء في حديث ابن عمر السابق فيما يلبسه المحرم زيادة هي:«ولا تنتقب المرأة الحرام، ولا تلبس القفازين»، (د/ ١٨٢٥)، لكن لها أن تسترهما بما تسدله عليها من فوق رأسها، ويتأكد ذلك إذا خالطت الرجال كما هو الحال الآن، وقد كانت النساء تفعل ذلك على عهد النبي ﷺ، كما هو في سنن أبي داود (١٨٣٣) عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله ﷺ محرمات، فإذا حاذوا بنا؛ سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه»، لكن فيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف.
أما الرجل فيحرم عليه تغطية رأسه وقد تقدم، أما وجهه فقد اختلف فيه، والمذهب منع تغطيته، وقد روى مالك في موطإه آثارا مختلفة عن ابن عمر من قوله بالمنع، حيث اعتبر الوجه من الرأس لكونه فوق الذقن، وعن عثمان من فعله بالجواز، ثم اختار المنع مراعاة لأصله، وهو أن ما اختلف فيه الصحابة شأنه عنده الاجتهاد لا الاختيار، وقد روى فيه عن ابن عمر أنه كفن ابنه واقدا ومات وهو بالجحفة محرما وخمر رأسه ووجهه، وقال: لولا أنا حرم لطيبناه»، وعلق مالك على ذلك بقوله الذي سبق ذكره، يريد أن المحرم وإن كان ممنوعا من تغطية الوجه والرأس والطيب؛ إلا أنه بموته زال المنع بزوال سببه، ولذلك لم يعمل أهل المذهب بظاهر الحديث الذي جاء فيمن وقصته ناقته، ورأوا أنه واقعة حال لا عموم فيها، ولأن التعليل الذي فيه بأنه يبعث يوم القيامة ملبيا مما لا يعرف إلا بالوحي، وليس بجيد، والصواب: جواز تغطية المحرم وجهه للحاجة وقد جاء ذلك من فعل النبي ﷺ.