للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦٥ - «ومن أوصى بحج أنفذ، والوصية بالصدقة أحب إلينا».

لا فرق في لزوم إنفاذ وصية المرء المريض بالحج عن نفسه بين الصرورة وهو من لم يسبق له الحج وغيره، فأما إن أوصى بأن يحج عنه في حال الصحة وهو صرورة فلا تنفذ وصيته، ووجهه أنه قادر على الحج ففرط فيه، والاستنابة إنما تكون عند العجز وفيه نظر.

واعلم أن إنفاذ الوصية بالحج على ما تقدم مكروه عندهم، قالوا والمكروه ينفذ، وقد قال خليل: «ومنع استنابة صحيح في فرض، وإلا كره»، انتهى.

وقد ترتب على القول بإنفاذ الوصية المكروهة مفاسد جمة ولاسيما في المساجد التي يحبسها أناس ويوصون بأن يدفنوا فيها، فلما كان الدفن في المساجد مكروها عندهم فحسب، قالوا تنفذ الوصية!!، وقد حضرت افتتاح مسجد في مدينة بلعباس بعيد استعادة الاستقلال وأشرف على افتتاحه وزير الأوقاف يومئذ وهو توفيق المدني صحبة الشيخ الطيب بويجرة وأعلنت وصية المحبس من على المنصة وذكر وجه إنفاذها الذي أشرت إليه ودفن بعد موته في المسجد، فتسبب ذلك في هجرانه من كثير من الناس، والحق أنها وصية لا يجوز إنفاذها، ولو من الواقف، فكيف إذا كان غيره؟ كما حصل غير مرة، ومنه هذا الذي جرى بعين مران من ولاية الشلف حيث توفي إمام مسجد فيها وأوصى أن يدفن في المسجد فنفذت وصيته وتنفيذ هذه الوصية لا يجوز باتفاق المالكية وغيرهم لأنها في غير ملك الموصي، ولا فيما حبسه واشترط فيه، وقد أرمت الجهة الحاكمة وجمجمت لمناصرتها للطرقية وأهل الضلال، وهي تزعم أنها تتبع المرجعية الوطنية.

وقد قل هذا الأمر في بلادنا في العقود الأخيرة، لكننا ما زلنا نعاني آثار ما حصل من قبل بسبب تلك الفتاوي، ونعيش متاعب التشدد من جهة، والتساهل من جهة أخرى، ولو أخذنا بآراء من توسعوا في سد الذرائع لمنعنا الناس من الصلاة في مساجد كثيرة، والحال أن القبر ليس في قاعة الصلاة، ولا في قبلتها ولا يعرف معظم الناس مكانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>