وقد قال الله تعالى في حد الزنى الذي كان قبل: ﴿وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)﴾ [النساء: ١٥]، فحكم حبس الزانية وُقِّتَ بما قبل أن يجعل الله لها سبيلا، وقد قال النبي ﷺ:«خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»، رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبادة بن الصامت ﵁، وهو نص في الجمع بين الجلد والرجم، وجمهور العلماء على خلاف ذلك متمسكين بأن النبي ﷺ لم يجلد ماعزا ولا الغامدية، ولا تلك التي زنى بها العسيف، ولا اليهوديين، واعتبروا أن فعله ناسخ لقوله لأنه آخر الأمرين، ولأن الخليفتين بعده رجما ولم يجلدا، وإن كان علي ﵁ قد جمع بينهما، وقال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله ﷺ»، وقال بعض أهل العلم يجوز الجمع بينهما، والأفضل الاقتصار على الرجم كما كان النبي ﷺ يفعل، وهذا أولى من القول بالنسخ.
بعد هذا فلا بد من كلمة زائدة على الشرح، لاستفحال شر هذه المعصية وكثرة الوسائل إليها في هذا العصر فأقول: إن حرمة الزنا معلومة من الدين بالضرورة، فقد مدح الله عباده بتبرئتهم منها مقرونة بتبرئتهم من الشرك والقتل في قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨)﴾ [الفرقان: ٦٨]، وأخبر عن المفلحين من المؤمنين أنهم يحفظون فروجهم عن غير أزواجهم وما ملكت أيمانهم بقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)﴾ [المؤمنون: ٥ - ٦]، وكان اجتناب الزنا من جملة ما بايع عليه رسول الله ﷺ المؤمنين والمؤمنات، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)﴾ [الممتحنة: ١٢]، وقال النبي ﷺ كما في الصحيح من حديث عبادة بن الصامت ﵁: