١٠ - «ولا يزال يلبي دبر الصلوات، وعند كل شرف، وعند ملاقاة الرفاق، وليس عليه كثرة الإلحاح بذلك».
المتفق عليه أن التلبية أول الإحرام واجبة يجبر تركها بالهدي في النذهب، ثم إن المحرم مطالب بالاستمرار عليها من غير أن يشق على نفسه أو يبلغ الأمر به الملل، وقد جاء في الحديث؛ «أفضل الحج؛ العج والثج»، رواه الترمذي عن ابن عمر، وقال غريب، وهو في الصحيحة للألباني (١٥٠٠)، والثج؛ إراقة دماء الهدايا تقربا لله تعالى، والعج رفع الصوت بالذكر والدعاء، فالتلبية شعار الحج والعمرة، ومن أبرز شعائرهما، والمشروع للحاج أن يرفع صوته بالتلبية كما قال رسول الله ﷺ:«أتاني جبريل، فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية، أو بالإهلال» رواه مالك (٧٤١) وأصحاب السنن الأربعة (د/ ١٨١٤) و (ت/ ٨٢٩) عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه، وفي رفع الصوت بها أجر عظيم لقوله ﷺ:«ما من ملب يلبي؛ إلا لبى ما على يمينه وعن شماله من شجر وحجر، حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا، يعني عن يمينه وشماله»، رواه ابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح كما في منسك الألباني، وقال العلماء يجدد التلبية كلما تجددت له حال، كما إذا علا شرفا، أو هبط واديا، وقالوا مثل ذلك في الركوب، والنزول، وملاقاة الناس، وأدبار الصلوات، وفي الصحيحين (خ/ ١٥٥٥) واللفظ لمسلم عن ابن عباس مرفوعا: «كأني أنظر إلى موسى هابطا من الثنية واضعا إصبعيه في أذنيه مارا بهذا الوادي وله جؤار إلى الله بالتلبية»، والجؤار رفع الصوت، وفي ذلك آثار عن السلف، وقال مالك في الموطإ «سمعت بعض أهل العلم يستحب التلبية دبركل صلاة، وعلى كل شرف من الأرض»، وفيه أيضا:«لا يرفع المحرم صوته بالإهلال في مساجد الجماعات، ليُسمع نفسه ومن يليه، إلا المسجد الحرام، ومسجد منى؛ فإنه يرفع صوته فيهما»، انتهى، يعني لأنهما