للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٢ - «فإن لم يشهدا في العقد؛ فلا يبني بها حتى يشهدا».

المذهب صحة عقد النكاح إذا لم يُشهد الطرفان عليه شاهدي عدل، لكن يلزم الإشهاد ولا بد قبل الدخول، فهو شرط في صحة الدخول لا في صحة العقد، فإن تم الدخول من غير إشهاد؛ فسخ، ولا يحدان إن اشتهر أمر الزواج بنحو دخان، أو دف، أو وليمة، فإن لم يشتهر؛ حدا لما في ترك ذلك من الذريعة إلى الفساد، إذ لا يشاء أحد أن يزني إلا زنى، ثم يزعم أنه تزوج، فقاومت هذه الذريعة الخطيرة الشبهة التي تدرأ الحد، وسد الذرائع إلى الفساد أصل اشتهر به مذهب مالك، وإنما قالوا بعدم شرطية الإشهاد في صحة العقد؛ لتشبيهه بعقود البياعات والإجارات، إذ لا يجب الإشهاد فيها، مع أن في ذلك نزاعا.

وقد دل على شرطية الإشهاد على النكاح قول النبي : «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل»، رواه البيهقي عن عمران بن حصين وعائشة ، ورواه ابن حبان في صحيحه عنهما نحوه، وروى الطبراني عن أبي موسى مرفوعا: «لا نكاح إلا بولي وشاهدين»، وهذا مطلق يحمل على المقيد، فتكون العدالة مشترطة كما هو المذهب، وما أقلها في هذه الأعصار، فليعمد إلى كثرة الشهود كما قالوا، وقد رجح القرطبي في تفسيره القول باشتراط الشاهدين في صحة العقد، إذ قال: «قول الشافعي أصح للحديث الذي ذكرناه».

وقد احتج أبو الوليد الباجي على عدم الشرطية بحديث أنس قال: «أقام النبي بين خيبر والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت، فألقي فيها التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين أو ما ملكت يمينه؟، قالوا: إن حجبها؛ فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها؛ فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل؛

<<  <  ج: ص:  >  >>