إن كان هذا هو المقيس فالأولى أن يجعل مشبها لا مشبها به، لأن المعتمد في ضم نسل الأمهات إليها هو النقل، ومذهب مالك أن حول النسل هو حول الأمهات، فمن بلغ ما عنده من الماشية بعد مرور الحول نصابا؛ وجبت عليه الزكاة، ولو كمل النصاب قبل مرور الحول بيوم، كمن كان عنده من الماشية عشرون شاة، ثم تناسلت فبلغت أربعين على رأس حول الأمهات؛ فإنه يخرج شاة، ولا يخرجها من الصغار، ولا فرق بين أن يكون النصاب كله من كبار الغنم، أو بعضه من هذا، وبعضه من هذا، ولا يشترط في الاعتداد بالصغار في النصاب؛ أن يكون الكبار نصابا.
والعمدة في ذلك ما رواه مالك في موطئه (٦٠٢) عن سفيان ابن عبد الله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا، فكان يعد على الناس بالسخل، فقالوا: أتعد علينا بالسخل، ولا تأخذ منه شيئا؟، فلما قدم على عمر بن الخطاب؛ ذكر له ذلك، فقال عمر: نعم، تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة، ولا الربى، ولا الماخض، ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره»، والأكولة التي تسمن للأكل فهي فعول بمعنى مفعول والغذاء جمع غَذي بشد الياء وزن كريم، هي السخال، أي الصغار.
والمراد أن لا يأخذ الخيار ولا الرديء وإنما يأخذ الوسط، ولعل عمر إنما ذكر ما لا يؤخذ من أرباب الأموال مما فيه إجحاف بهم، ليكون ذلك في مقابل الاعتداد بالسخال عليهم في النصاب، مع أنها لا تؤخذ منهم، لأن أخذها إجحاف بحق الفقراء، ولأنها في حاجة إلى أمهاتها، ولأن في الاعتداد بها قطعا للنزاع باختلاف الناس في السن الذي يعتمد في ذلك، فجعل الأمر موكولا إلى العدد لهذا، نظير من وجبت عليه سن من الإبل وليس عنده