المقاتل إما أن يكون راجلا، أو غير راجل، فالراجل له سهم واحد، والفارس له ثلاثة أسهم، سهمان للفرس، وسهم لصاحبه، ولا يسهم على المشهور للبعير، وراكبه يدعى جمالا، ولا للحمار، ويدعى راكبه حَمارا، ودليل ذلك ما صح عن النبي ﷺ أنه جعل للفرس سهمين، وللفارس سهما، رواه الشيخان وغيرهما من حديث عبد الله بن عمر ﵄، وذكره مالك في الموطإ (٩٨٣) بلاغا عن عمر بن عبد العزيز، ولا يختلف الأمر إذا لم يقاتل على الأفراس، كأن كانت في السفن، ووقعت الغنيمة في البحر لكونها معدة للنزول إلى البر، لأن الدليل ورد مطلقا من غير استفصال، وذلك منزل منزلة العموم في المقال، ولا لأكثر من فرس لشخص واحد، لأن المقاتل لا يحتاج إلى أكثر من واحد، وقد سئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة فهل يقسم لها كلها؟، فقال:«لم أسمع بذلك، ولا أرى أن يقسم إلا لفرس واحد الذي يقاتل عليه»، انتهى، وفي إعطاء الفرس سهمين تشجيع لما يجدي في الحرب، وقد كان للخيل أهمية كبرى فيها يومئذ، ولذلك نهي عن خصائها من دون بقية الحيوان، لأن ذلك يقلل عددها، وذكرها الله تعالى في كتابه فقال ﴿رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾، وقال النبي ﷺ:«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة»، رواه مالك والشيخان وغيرهما عن ابن عمر، وقال النبي ﷺ:«إنه ليس من فرس عربي إلا يُؤْذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول: «اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله وماله إليه»، رواه أحمد والحاكم عن أبي ذر، تأمل دعاء الفرس العربي بتحبيبه إلى مالكه حتى سأل أن يكون محببا إليه أكثر من أهله وماله!!، ولا يكون ذلك إلا لأنه يرتبطه ليجاهد عليه، والجهاد ذروة سنام دينه، وقارن بما يربط الناس من أجله اليوم الخيل، إنه الزينة والفخر والقمار و (الوعدات).