واعلم أن الرأس لا يثلث ومثله الأذنان، لأن المسح مبني على التخفيف، لكن ورد في بعض روايات حديث عثمان عند أبي داود (١٠٧ و ١٠٨) في صفة وضوء النبي ﷺ أنه مسح رأسه ثلاثا، وقال بذلك الشافعي، قال أبو داود معلقا على حديث عثمان بعد أن أورد روايتين له فيها تثليث الرأس:«أحاديث عثمان ﵁ الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، وقالوا فيها: ومسح رأسه، ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره»، قال الحافظ في الفتح:(باب مسح الرأس مرة): «ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح - إن صحت - على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا على أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة»، وانظر أيضا الفتح:(باب الوضوء ثلاثا، ثلاثا)، وقد روي عن مالك ما ظاهره التثليث، ولم يحضرني موضعه الآن، وذهب إليه الألباني، وحمله على ما تقدم أولى.
واعلم أنه كما يجوز الاقتصار على مرة في الغسل، كذلك يجوز التلفيق في عدد الغسلات، بأن يغسل وجهه ثلاث مرات، ويديه مرتين، وقد ثبت هذا في حديث عبد الله بن زيد الصحيح، وأخذ منه بعضهم فعل ذلك في غير ما ذكر من الوجه واليدين، ومنهم الترمذي ﵀، فقد ترجم على الحديث بقوله:«باب فيمن يتوضأ بعض وضوئه مرتين، وبعضه ثلاثا»، ثم قال:«وقد رخص بعض أهل العلم في ذلك لم يروا بأسا أن يتوضأ الرجل بعض وضوئه ثلاثا، وبعضه مرتين، أو مرة»، ولعل عدم التوسع بالقياس أولى.