٠٨ - «والتدبير أن يقول الرجل لعبده أنت مدبر، أو أنت حر عن دبر مني».
لتحرير الرقاب طرق منها الواجب كالكفارة في قتل الخطإ وفي الظهار وكفارة اليمين، وامتلاك المرء ذي الرحم المحرم، وتمثيل المالك بمملوكه، ووضع الأَمَة حَمْلَهَا من مالكها إو إسقاطه، ومنها ما هو تطوع كالعتق المنجز والمؤجل والتدبير، ومنها ما هو نظير مال وهو الكتابة، والكلام هنا على التدبير الذي هو في اللغة النظر في عواقب الأمور كي تقع على الوجه الأكمل، وسمي تدبير المملوك كذلك لأن المدَبِّر بكسر الباء راعى مصلحة نفسه في دنياه فاستبقى خدمة مملوكه، وراعى مع ذلك مصلحته في آخرته فعلق عتقه على موته، وهو مندوب إليه لأنه من وسائل تحرير الرقاب التي كثرت في هذا الدين الخاتم، فهو عتق مؤقت بموت المالك الذي قد لا يقدر على التحرير الناجز لما له في المملوك من المصلحة، وقد قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [البقرة: ٢١٩ - ٢٢٠]، وقد ذكر المؤلف التدبير عقب الوصية لشبهه بها في أن كلا منهما عقد يتعلق بتنفيذ قربة بعد الموت، بخلاف ما لو قال: إن مت من مرضي هذا فأنت مدبر، فهذا له حكم الوصية فله الرجوع فيه، وقد حد بعضهم التدبير بأنه «عقد يوجب عتق مملوك من ثلث مال مالكه بعد موته بعقد لازم»، انتهى، فخرج بقيد بعد الموت المملوك الملتزم عتقه في المرض المبتل فيه، أي المنجز، فإنه لازم لمالكه ولو لم يمت، وصفة اللزوم التي في التعريف تخرج الوصية لكونها غير لازمة، أما ما يتم به التدبير فلا يختلف عما تثبت به الالتزامات والعقود مما يفهم منه المراد، كأن يقول لمملوكه: أنت مدبر، أو عن دبر مني، أو أنت حر بعد موتي، أو يوم موتي، وقيل ينبغي أن يقيد هذين بالتدبير وإلا فهي وصية، ولا بد أن يكون المدبر بكسر الباء مكلفا راشدا، أما المدبر بفتحها فهو كل رقيق أو من فيه شائبة رق كالمكاتب والمبعض والمشترك، ذكرا أو أنثى، صغيرا