٢٠ - «والمرأة ترضع ولدها في العصمة، إلا أن يكون مثلها لا يرضع».
غذاء الطفل إلى تمام الحولين ليس كغذائه فيما بعد، لذلك من الله عليه بأن جعل له ثدي أمه وعاء يحوي غذاء لا يدانيه من الأغذية غيره، فلا حاجة به إلى حفظ، ولا إلى تبريد أو تسخين، في أي فصل من فصول العام، والأطباء يؤكدون أن لا شيء من الأغذية والألبان يوائم الطفل مواءمة لبن أمه له، وأنت ترى كيف أن الرضاعة الصناعية يغير فيها اللبن بحسب سن الرضيع تغييرا قد يصل إلى ثلاث مرات، على أن يفصل بين الأنواع بفترة لا يعطى فيها الرضيع لبنا، ولعلك تلحظ أن قلة الرضاعة الطبيعية في هذا العصر رافقها كثرة أمراض الأطفال، وأمراض النساء من أثدائهن بهذه الأورام الخطيرة التي غالبا ما تنتهي باستئصال الثدي، وحسبنا من ذلك أن ربنا ﷾ قال: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وهذا ليس مجرد تقرير للواقع، بل هو تشريع من رب العالمين خرج في صورة الخبر تأكيدا له، وحض للنساء أن لا يكون طلاقهن سببا في إهمال أولادهن وعدم العناية بهم.
وقد ذكر المصنف أنه يجب على المرأة أن ترضع ولدها متى كانت في العصمة، وذلك يشمل غير المطلقة، ومن طلقت طلاقا رجعيا، وليس لها أجر نظير ذلك، قال أبو الحسن: لأن عرف المسلمين على توالي الأعصار، في سائر الأمصار جار على أن الأمهات يرضعن أولادهن، من غير طلب أجرة على ذلك»، انتهى، وهذا الذي استدل به من القوة بموضع، فأما قول الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ فهو عام، وكونه في