٣ - «وإن قدر على أن يكون طاهرا، وما عليه طاهر؛ فهو أحسن، ويستحب أن لا يقربه حائض ولا جنب».
استدامة طهارة الثياب والبدن والمكان الذي يلابسه المرء مما لا يختلف في تشوف الشارع إليه، وفي كون الميت طاهرا إكرام للملائكة الذين يحضرون لقبض روحه، وقد ورد فيما ذكره المصنف ما رواه أبو داود (٣١١٤) عن أبي سعيد الخدري ﵁ لما حضرته الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها».
ومما يستدل به لذلك؛ استياك النبي ﷺ وهو في حال الوفاة كما في حديث عائشة عند البخاري (٤٤٣٨) قالت: «دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي ﷺ، وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به، فأبده رسول الله ﷺ ببصره، فأخذت السواك فقضمته، ونفضته وطيبته، ثم دفعته إلى النبي ﷺ فاستن به، فما رأيت رسول الله ﷺ استن استنانا قط أحسن منه»، وقولها: فأبده؛ هو بالباء الموحدة تحت، المفتوحة، والدال المفتوحة المشددة، أي مد نظره إليه.
أما أنه لا يقربه الجنب؛ فلما ورد أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب، رواه أبو داود (٢٢٧) عن علي ﵁، وفيه عبد الله بن نجي صدوق، وأبوه مقبول كما في التقريب، ولو صح فقد قال بعض أهل العلم يكون المراد بالجنب من يؤخر الاغتسال عن وقته المطلوب تهاونا، وقد ترجم أبو داود راويه بما يدل على هذا، أما العاجز عن الماء أو فاقده؛ فإنه يرفع الجنابة بالصعيد، ولذلك كان الجنب إذا أراد أن ينام مطالبا بالوضوء تخفيفا للجنابة، وروى البزار عن ابن عباس مرفوعا:«ثلاثة لا تقربهم الملائكة: الجنب والسكران والمتمضمخ بالخلوق»، المتمضمخ بالخلوق هو المتلطخ، والخلوف