ويحسن التنبيه هنا على أن الناس قد اعتادوا أن يحضروا إمام مسجد أو من يظنونه من أهل العلم والصلاح ليتولى العقد، وجرت عادتهم أن تلقى كلمة بعد العقد يظن بعضهم أنها لازمة، والعقد بدونها ناقص أو باطل، فكان من الواجب على من يتولى ذلك أن يعلمهم أنها كلمة لا دخل لها في العقد، وأنه صحيح بدونها، وأن يغتنمها لتعليمهم شيئا من دينهم لا أن تكون كلمة محفوظة تكرر في كل العقود، وقد تتضمن أحاديث ضعيفة بل باطلة كالقول بأن مهر حواء كان صلاة آدم على النبي صلى الله عليهما وسلم، ومن الخير أن يتدرج معهم في الوصول إلى تركها لأن المخالفات هذا شأنها تبتدئ خفيفة ثم تصير عادة وينقلها الناس إلى حيز السنة، ويعتقد بعضهم لزوم قراءة فاتحة الكتاب قبل الخطبة، ويختار بعضهم صيغة للصلاة على النبي ﷺ بألفاظ متكلفة، ومنها صلاة (الفاتح)، وقد تنطوي على ما لا يشرع قوله، مع ترك الصلاة الإبراهيمية المشروعة، أو يقال الصداق هو صداق الولي الفلاني لشخص يعظمونه، وهكذا ما يعتقده بعضهم من أن ولي المرأة لا يجيب حتى يكرر عليه الزوج أو وكيله الخطاب ثلاث مرات، والله الهادي
ومن أراد أن يخطب امرأة؛ فإن علم أن غيره تقدمه إلى خطبتها، فإما أن يكون قد ركن إليها، أي مال إليها وتراضيا، أو وعد بذلك ولم يرد، وأولى إذا اتفقا على الصداق، ولم يبق إلا العقد؛ فإن كان هذا؛ حرم عليه أن يخطبها لقول النبي ﷺ من جملة حديث أبي هريرة:«،،، لا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه»، رواه الشيخان والترمذي (١١٣٤) وغيرهما عنه، ورواه أحمد والبخاري (٥١٤٢) والنسائئ عن ابن عمر، وانظر التحفة للمباركفوري (٢/ ١٩٢)، وقد يقال إذا علم من أراد أن يخطب أن من تقدمه إلى المرأة لا يرد؛ وجب عليه ترك الخطبة، لأن علمه بذلك يقوم مقام علمه بركونها إليه، وقد استنبط البخاري ﵀ هذا المعنى من حديث ابن عمر في تزوج النبي ﷺ حفصة -رضي الله تعالى عنها- فانظرة فيه برقم (٥١٤٥).
وإنما قيد منع الخطبة بالركون والتراضي لحديث فاطمة بنت قيس -رضي الله تعالى عنها- قالت من جملة حديثها: «،،، فلما حللت ذكرت للنبي ﷺ أن معاوية بن سفيان وأبا جهم بن هشام