٤ - «فإذا قلت: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾، فقل: آمين، إن كنت وحدك، أو خلف إمام وتخفيها، ولا يقولها الإمام فيما جهر فيه، ويقولها فيما أسر فيه، وفي قوله إياها في الجهر اختلاف».
آمين بمد الهمزة، وتخفيف الميم؛ هو المشهور فيها، وقيل بقصر الهمزة، وقيل بالمد مع تشديد الميم، ومعناه استجب دعاءنا، وما قاله بعضهم إن آمين اسم من أسمائه تعالى فليس بمقبول.
والتأمين جاء بعد الدعاء في الفاتحة، فإن نصفها الأول ثناء، ونصفها الثاني ابتداء من قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)﴾؛ دعاء، ولحاجة كل مخلوق إلى الهداية كيفما كان؛ فرض الله تعالى على كل مصل طلبها، وسن له التأمين على الدعاء بعدها.
واعلم أن دليل تأمين المنفرد هو دليل تأمين المأموم، بل وهو دليل تأمين الإمام أيضا، فمتى ثبت التأمين لواحد منهم ثبت للآخر، لأن الأصل المساواة في أعمال الصلاة بين المكلفين إلا ما استثني، وقد روى مالك في الموطإ (١٩٣ والشيخان خ/ ٧٨١) عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا قال أحدكم آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين؛ فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه»، وقوله:«أحدكم»؛ عموم، وهو مطلق يشمل الصلاة وغيرها، وصح مقيدا بالصلاة عند مسلم، ولعل الموافقة التي يترتب عليها ذلك الفضل تستدعي أن يكون المصلي حاضر البال مستمعا لما يتلى متدبرا.
فإذا رأيت ضرورة الاستدلال على ما يخص تأمين المأموم فإن منه قوله ﷺ:«إذا قال الإمام ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه»، وهو في الموطإ (١٩٢) وصحيح البخاري (٨٨٢)، وأبي داود (٩٣٥) عن أبي هريرة، ولا يسوغ أن يقال فيه دليل على عدم تأمين الإمام؛ لذكره الآية