٢٥ - «واللجأ إلى كتاب الله ﷿ وسنة نبيه واتباع سبيل المؤمنين وخير القرون من خير أمة أخرجت للناس نجاة ففي المفزع إلى ذلك العصمة وفي اتباع السلف الصالح النجاة وهم القدوة في تأويل ما تأولوه واستخراج ما استنبطوه وإذا اختلفوا في الفروع والحوادث لم يخرج عن جماعتهم».
معتمد المسلمين في معرفة دينهم إنما يكون على هذه الأمور الثلاثة التي هي كتاب ربهم، وسنة نبيهم، وإجماع علمائهم، في أي عصر من العصور، على أمر من الأمور، فهذه الأصول الثلاثة لم يختلف المسلمون في الرجوع إليها، وإن اختلفوا في بعض تفاصيلها، كالأخذ بالقياس على ما ثبت بواحد منها، فمن التجأ إليها، واعتمد عليها، ولم يخرج عنها، وعمل حسب المستطاع بمقتضاها؛ نجا، لأنه امتثل أمر الله تعالى في قوله ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا (١٠٣)﴾ [آل عمران: ١٠٣]، واجتنب ما توعد الله تعالى به من خالف ذلك في قوله: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)﴾ [النساء: ١١٥].
ولا شك أن أولى طبقات هذه الأمة بمعرفة الحق والقيام به هم أصحاب سيدنا محمد ﷺ، فهم أولى أن ينطبق عليهم قول الله تعلى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (١١٠)﴾ [آل عمران: ١١٠]، حتى إن ابن عباس ﵄ فسرها بأن المراد منها المهاجرون قبل الفتح، وإن كان الصحيح أنها تعم كل أجيال هذه الأمة التي هي مثل الغيث لا يدرى أوله خير أم آخره كما جاء عن النبي ﷺ، وقال النبي ﷺ:«أنتم موفون ثلاثا وسبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله»، رواه الترمذي وغيره عن معاوية بن حيدة، ولأن طائفة منها لا تزال ظاهرة على الحق لا يضرها من خالفها حتى يأتي أمر الله، وقد بلغ هذا الخبر عن النبي ﷺ مبلغ التواتر.