وللشيخ علي الصعيدي العدوي هاهنا تعليق على كلام الشارح أبي الحسن يحسن إثباته، قال:«ولا يخفى أن حمل النية على القصد لا يناسب، لأن هذا الحمل من باب الفروع، ولم يكن الكلام فيها، فالمناسب أن يحمل على الإخلاص، أي لا يصح قول ولا عمل إلا بإخلاص، فقد قال الفاكهاني بعد قول المصنف إلا بنية ما نصه: «أي مخلصة لله ﷿، والإجماع على أن الإخلاص في العبادات فرض، وهو أن يبتدئ الأعمال لله، فإن ابتدأ العمل لغير الله فسد باتفاق، فإذا ابتدأه لله وأحب أن يحمد عليه فلا يضره ذلك، وإذا ابتدأه لله ثم اطُلع عليه فأتمه لغير الله ولم يدفع ذلك عن قلبه، فما بعد يبطل باتفاق، وما قبل قولان، والمشهور البطلان، وأما إذا دفع ذلك فلا بطلان باتفاق»، انتهى ملخصا.
ج - وقوله:«ولا قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة»، المراد بالسنة هنا الشرع كله، وهو إطلاق شائع عند السلف، ومرد الشرع إلى الكتاب، وهو أصل الأدلة، ثم السنة فإنها مبينة للكتاب تخصص عامه، وتقيد مطلقه، وتبين مجمله بما فيها من أقوال وأفعال وتقريرات، كما تنفرد بالتشريع، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)﴾ [النحل: ٦٤]، ثم الإجماع والقياس بشرطهما.
فينبغي للمؤمن أن لا يعبد الله تعالى بقول أو فعل أو قصد ونية إلا ما كان منه موافقا للسنة، والعبادات تكون أقوالا وأفعالا واعتقادات، فلا يصح شيء منها إذا خالف السنة، فإن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرع، قال الله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: ٢١]، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، والقفو الاتباع، وحرم الله تعالى القول عليه بلا علم، بل جعله فوق الإشراك به فقال تعالى ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)﴾ [الأعراف: ٣٣]، وقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: ٧]، وقال النبي ﷺ: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا